responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 10  صفحه : 35

جمعا من الناس قد اتّبعوا السّحرة و آمنوا بدين موسى. و لذلك لم ير فرعون بدّا إلّا أن يجمع كيانه و يلملم ما تبّقى من هيبته و سلطانه عن طريق الصراخ و التهديد و الوعيد الغليظ، فتوجّه نحو السّحرة و قالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ‌.

إنّ هذا الجبّار المستكبر لم يكن يدّعي الحكومة على أجسام و أرواح الناس و حسب، بل كان يريد أن يقول: إنّ قلوبكم تحت تصرّفي أيضا، و يجب على أحدكم إذا أراد أن يصمّم على أمر ما أن يستأذنني، و هذا هو العمل الذي يؤكّد عليه كلّ الفراعنة على امتداد العصور.

فالبعض- كفرعون مصر- يجريها على لسانه حمقا عند اضطرابه و قلقه، و البعض احتفظ بهذا الحقّ لنفسه و يبيّنه بصورة غير مباشرة عن طريق وسائل الإعلام، و طوابير العملاء، و يعتقد بأنّ الناس يجب أن لا يعطوا الاستقلالية في التفكير، بل إنّه في بعض الأحيان قد يسلب الناس الحرية باسم حرية التفكير.

و على كلّ حال، فإنّ فرعون لم يكتف بذلك، بل إنّه ألصق بالسّاحرين التهمة و قال: إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ.

لا شكّ أنّ فرعون كان على يقين و معرفة تامّة بكذب كلامه و بطلانه، و لم يكن بالإمكان أن تحدث مثل هذه المؤامرة في جميع أنحاء مصر و يجهل جنوده و شرطته بالأمر، و كان فرعون قد ربّى موسى عليه السّلام في أحضانه، و غيبته عن مصر كانت من المسلّمات لديه، فلو كان كبير سحرة مصر لكان معروفا بذلك في كلّ مكان، و لا يمكن أن يخفى أمره. إلّا أنّا نعلم أنّ الطغاة لا يتورّعون عن إلصاق أي كذب و تهمة بخصومهم عند ما يرون مركزهم الذي حصلوا عليه بغير حقّ يتعرّض للخطر.

ثمّ إنّه لم يكتف بهذا، بل إنّه هدّد السّحرة أشدّ تهديد، التهديد بالموت، فقال:

فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَ لَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا

نام کتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 10  صفحه : 35
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست