التي كانت
واضحة قد حذفت، و هي (أنّ موسى قد ألقى عصاه، فتحوّلت إلى حيّة عظيمة لقفت كلّ
آلات و أدوات سحر السّحرة، فعلت الصيحة و الغوغاء من الحاضرين، فاستوحش فرعون و
ارتبك، و فغر أتباعه أفواهمم من العجب.
فأيقن السّحرة
الذين لم يواجهوا مثل هذا المشهد من قبل، و كانوا يفرّقون جيدا بين السحر و غيره،
إنّ هذا الأمر ليس إلّا معجزة إلهيّة، و إنّ هذا الرجل الذي يدعوهم إلى ربّهم هو
رسول اللّه، فاضطربت قلوبهم، و تبيّن التحوّل العظيم في أرواحهم و وجودهم).
و الآن نسمع
بقيّة الحديث من لسان الآيات:
فَأُلْقِيَ
السَّحَرَةُ سُجَّداً قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هارُونَ وَ مُوسى.
إنّ التعبير ب (القي)- و هو فعل مبني للمجهول- ربّما كان إشارة إلى أنّهم قد
صدّقوا موسى، و تأثّروا بمعجزته إلى الحدّ الذي سجدوا معه دون إرادة.
و نقطة أخرى
يلزم ذكرها و تستحقّ الالتفات، و هي أنّهم لم يقتنعوا بمجرّد الإيمان القلبي، بل
رأوا أنّ من واجبهم إظهار هذا الإيمان بصورة جليّة، بتعابير لا يشوبها أي إبهام،
أي التأكيد على ربوبية ربّ موسى و هارون، حتّى يرجع أولئك الذين ضلّوا بسبب سحرهم،
و لا تبقى على عاتقهم مسئولية من هذه الجهة.
من البديهي
أنّ عمل السّحرة هذا قد وجّه صفعة قويّة إلى فرعون و حكومته الجبّارة المستبدّة
الظالمة، و هزّ كلّ أركانها، لأنّ الإعلام كان قد ركّز على هذه المسألة مدّة طويلة
في جميع أنحاء مصر، و كانوا قد جلبوا السّحرة من كلّ أرجاء البلاد، و وعد هؤلاء
بكلّ نوع من المكافئات و الجوائز و الامتيازات إذا ما غلبوا و انتصروا في المعركة!
إلّا أنّه يرى الآن أنّ أولئك الذين كانوا في الصفّ الأوّل من المعركة، قد
استسلموا فجأة للعدو بصورة جماعية، و لم يسلموا و حسب، بل أصبحوا من المدافعين
الصلبين عنه، و لم تكن هذه المسألة في حسبان فرعون أبدا، و لا شكّ أنّ