و النقد الوحيد الذي يمكن أن يوجّه إلى التّفسير السالف الذكر، هو أنّ الآيات
السابقة، لم تتطرّق إلى الأضاحي، فكيف يعود ضمير الآية اللاحقة إليها؟
و لكن مع ملاحظة كون حيوان الأضاحي من مصاديق «شعائر اللّه» التي أشير إليها
في الآية السابقة، و سيأتي ذكرها أيضا بعد هذا، يتّضح بذلك الجواب عن هذا
الاستفسار [1].
و على كلّ حال تذكر الآية في ختامها نهاية مسار الأضحية: ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ.
و على هذا يمكن الاستفادة من الانعام المخصّصة للأضحية ما دامت في الطريق إلى
موضع الذبح، و بعد الوصول يجرى ما يلزم و بالطبع فإنّ المفسّرين يقولون بأنّ الذبح
يجب أن يتمّ في منى إن كانت الأضحية تخصّ الحجّ. أمّا إذا كانت لعمرة مفردة ففي
أرض مكّة. و بما أنّ الآيات المذكورة تبحث في مراسم الحجّ، فيجب أن يكون للبيت
العتيق (الكعبة) مفهوم واسع ليشمل بذلك أطراف مكّة (أي منى) أيضا.
[1]- ما ذكر أعلاه هو تفسير واضح
للآية موضع البحث، و هنا نذكر تفسيرين آخرين:
الأوّل: إنّ ضمير «فيها» يعود إلى المناسك الحجّ جميعا، و هنا يكون تفسيرها
«لكم منافع في جميع مناسك الحجّ حتّى الزمن المحدّد بانتهاء الحجّ أو نهاية
العالم، و من ثمّ تقع آخر مراسم الحجّ حيث يخلع الحاج إحرامه و يصبح مجاورا للكعبة
ليؤدّي طوافي الحجّ و النساء» و بهذا تكون هذه الآية شبيهة بالآية التي فسّرناها
سابقا لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ.
و التّفسير الثّاني: أن يعود ضمير «فيها» إلى الشعائر الإلهيّة كلّها، إضافة
إلى التعاليم الإسلامية العظيمة، و عندها يكون معنى الآية «لكم جزاء جميل و منافع
كبيرة في مجموع التعاليم الإسلامية و الشعائر الإلهيّة حتّى نهاية العالم، و من
ثمّ يجزيكم خالق البيت العتيق». إلّا أنّ التّفسير الذي ذكرناه في متن الكتاب أكثر
ملاءمة و أقرب معنى إلى سائر الآيات القرآنية و الأحاديث الإسلامية و أكثر انسجاما
معها.