لهذا ذكرت الأحاديث الإسلامية أنّ من فوائد الحجّ نشر أخبار آثار رسول اللّه
صلى اللّه عليه و آله و سلّم في أنحاء العالم الإسلامي،
يقول «هشام بن الحكم» أحد أصحاب الإمام الصادق عليه السّلام المخلصين نقلا عن
هذا الإمام العظيم عليه السّلام أنّه قال حول فلسفة الحجّ و الطواف حول الكعبة: «إنّ اللّه خلق الخلق ... و أمرهم بما يكون من أمر الطاعة
في الدين، و مصلحتهم من أمر دنياهم، فجعل فيه الاجتماع من الشرق و الغرب، و
ليتعارفوا و لينزع كلّ قوم من التجارات من بلد إلى بلد ...، و لتعرف آثار رسول
اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم و تعرف أخباره و يذكر لا ينسى» [1].
و لهذا السبب كان المسلمون يجدون في الحجّ متنفّسا من جور الخلفاء و السلاطين
الظلمة الذين منعوا المسلمين من نشر هذه الأحكام، لحلّ مشاكلهم بالاجتماع بأئمّة
الهدى عليهم السّلام في المدينة المنوّرة و مكّة المكرّمة، و بكبار علماء
المسلمين، لينهلوا من مناهل القرآن النقيّة و السنّة النبويّة الشريفة.
و من جهة ثانية يمكن أن يكون الحجّ مؤتمرا ثقافيا إسلاميا يحضره مفكّرو العالم
الإسلامي في أيّام الحجّ في مكّة المكرّمة، ليتحاوروا فيما بينهم و يعرضوا
نظرياتهم و أفكارهم على الآخرين.
و قد أصبحت الحدود بين البلدان الإسلامية- الآن- سببا لتشتّت ثقافتهم الأصيلة،
و اقتصار تفكير مسلمي كلّ بلد بأنفسهم فقط، حتّى تقطّعت أواصر المجتمع الإسلامي
الموحّد. بينما يستطيع الحجّ أن يغيّر هذا الوضع.
و ما أجمل ما
قاله الإمام الصادق عليه السّلام في ختام الحديث السابق الذي رواه هشام بن
الحكم: «و لو كان كلّ قوم إنّما يتكلّمون على
بلادهم و ما فيها هلكوا، و خربت البلاد، و سقطت الجلب و الأرباح، و عميت الأخبار» [2].