و أخيرا الحجّ عامل مؤثّر في تحطيم قيود العبودية و الاستعمار و تحرير
المسلمين.
و لهذا السبب كان موسم الحجّ زمن الجبابرة كبني أميّة و بني العبّاس الذين
كانوا يسيطرون على الأراضي الإسلامية المقدّسة، و يراقبون كلّ تحرّك تحرّري إسلامي
ليقمعوه بقوّة، كان الموسم متنفّسا للحرية و لاتّصال فئات المجتمع الإسلامي الكبير
بعضها مع بعض، لطرح القضايا السياسيّة المختلفة التي تهمّ كلّ مسلم.
و على هذا الأساس قال أمير المؤمنين علي عليه السّلام في معرض حديثه عن فلسفة
الفرائض و العبادات
كما أنّ أحد السياسيين الأجانب المشهورين قال: «الويل للمسلمين إن لم يعرفوا
معنى الحجّ، و الويل لأعدائهم إذا أدرك المسلمون معنى الحجّ»! و اعتبرت الأحاديث
الإسلامية الحجّ جهاد الضعفاء، إذ يمكن للشيوخ و النساء الضعيفات المشاركة في
الحجّ ليظهروا عظمة الامّة الإسلامية. و ليدخلوا الرعب في قلوب أعداء الإسلام
بمشاركتهم في صفوف المصلّين المتراصّة في دوائر تحيط ببيت اللّه الحرام. و هي
توحّد اللّه و تكبّره.
3- البعد الثقافي للحجّ
يمكن أن يؤدّي التقاء المسلمين أيّام الحجّ دورا فعّالا في التبادل الثقافي في
المجتمع الإسلامي، خاصّة إذا لا حظنا أنّ اجتماع الحجّ العظيم يمثّل بشكل حقيقي
فئات المسلمين من أنحاء العالم، حيث لا تصنّع في المشاركة في حجّ بيت اللّه
الحرام، فالحجّاج جاؤوا من شتّى المجموعات و العناصر و القوميات، و قد اجتمعوا رغم
اختلاف ألسنتهم.