فالحجّ ولادة ثانية للمسلم. يستهلّ بها حياة إنسانية جديدة، و لا حاجة هناك
لإعادة القول بأنّ هذه البركات و تأثيرها و ما نشير إليه بعد هذا ليست نصيب من
اقتنع من مكاسب الحجّ بقشرته و رمي اللب جانبا. كما أنّها ليست نصيب من يعتبر
الحجّ سياحة للتنفيس عن الخاطر، أو للتظاهر و الرياء، أو طريقا للحصول على متاع
شخصي دنيوي، و هو في الحقيقة لم يتوصّل إلى معنى الحج الحقيقي، فكان نصيبه ما
يستحقّه!
2- البعد السياسي للحجّ
ذكر أحد كبار فقهاء المسلمين أنّ مراسم الحجّ في الوقت الذي تستبطن أخلص و
أعمق العبادات، هي أكثر الوسائل أثرا في التقدّم نحو الأهداف السياسيّة الإسلامية.
فجوهر العبادة التوجّه إلى اللّه، و جوهر السياسة التوجّه إلى خلق اللّه، و هذان
الأمران امتزجا في الحجّ بدرجة أصبحا كنسيج واحد.
إنّ الحجّ عامل مؤثّر في وحدة صفوف المسلمين.
الحجّ عامل مهمّ في مكافحة التعصّب القومي و العنصري و التقوقع في حدود
جغرافية.
و الحجّ وسيلة لتحطيم الرقابة التي تفرضها الأنظمة الظالمة، و تدمير هذه
الأنظمة المتسلّطة على رقاب الشعوب الإسلامية.
و الحجّ وسيلة لنقل الأنباء السياسية للبلدان الإسلامية من نقطة إلى أخرى.