الحرير و الحلي و غيرها. و بالطبع ستكون للحياة الاخروية مفاهيم أسمى ممّا
نفكّر به في هذه الدنيا الدنيّة، لأنّ مبادئ الحياة و مدلولها يختلفان في الدنيا
عمّا هي في الآخرة (فتأمّلوا جيدا).
و أخيرا الهبة الرّابعة و الخامسة التي يهبها اللّه للمؤمنين الصالحين ذات سمة
روحانية وَ هُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ
الْقَوْلِ حديث ينمي الروح. و ألفاظ تثير حيوية الإنسان،
و كلمات ملؤها النقاء و الصفاء التي تبلغ بالروح درجة الكمال و تملأ القلب بهجة و
سرورا، وَ هُدُوا إِلى صِراطِ الْحَمِيدِ[1] هكذا يهدون إلى
طريق اللّه الحميد، الجدير بالثناء، طريق معرفة اللّه و التقرّب المعنوي و الروحي
إليه، سبيل العشق و العرفان.
حقّا إنّ اللّه يهدي المؤمنين إلى هذا الطريق الذي ينتهي إلى أعلى درجات
اللذّة الروحيّة.
و نقرأ في حديث رواه علي بن إبراهيم (المفسّر المعروف) في تفسيره، أنّ القصد
من «الطيب من القول» التوحيد و الإخلاص و يعني «الصراط الحميد» الولاية و الإقرار
بولاية القادة الربانيّين (و بالطبع هذا أحد البراهين الواضحة للآية).
كما يستنتج من التعابير المختلفة الواردة في الآيات السابقة و في سبب نزولها
أنّ هناك عذابا عسيرا صعبا ينتظر مجموعة خاصّة من الكفّار الذين يعاندون اللّه و
يحاولون تضليل الآخرين. إنّهم أفراد من قادة الكفر كالذين تقدّموا في معركة بدر
لمبارزة علي عليه السّلام و حمزة بن عبد المطلّب و عبيدة بن الحارث.
[1]- كلمة «الحميد» تعني المحمود، و
تطلق على من يستحقّ الثناء، و هنا يقصد بها اللّه تعالى، و على هذا فإنّ «الصراط
الحميد» يعني السبيل إلى مقام مقرّب من اللّه تعالى. كما قال البعض بأنّ «الحميد»
وصف للصراط يشبه الإضافة البيانيّة، و على هذا يكون المعنى: إنّ هؤلاء يرشدون، إلى
سبيل جدير بالثناء كلّه. (الآلوسي في روح البيان)، إلّا أنّ المعنى الأوّل يبدو
أصحّ.