جاءت كلمة «المجوس» مرّة واحدة في هذه الآيات بجانب الأديان السماوية الاخرى و
في مقابل المشركين، و هذا دليل على أنّ لهم دينا و نبيّا و كتابا.
و تطلق كلمة «المجوس» اليوم على أتباع «زرادشت» أو أنّ أتباع زرادشت يشكّلون
جزءا مهمّا منهم، و حياة «زرادشت» ليست واضحة تماما، فقد قيل: إنّه ظهر في القرآن
الحادي عشر قبل الميلاد، و قيل: في القرن السادس أو السابع [1].
و هذا الاختلاف بخمسة قرون أمر عجيب! يدلّ على الغموض الذي يحيط بتاريخ
زرادشت. و المعروف أنّ له كتابا اسمه «أفستا» تلف إبّان حملة الإسكندر المقدوني
على بلاد فارس. ثمّ أعيدت كتابته على عهد أحد ملوك الساسانيين [2].
و ليس لدينا معلومات كافية عن عقيدة زرادشت، إلّا ما اشتهر من اعتقاده بمبدإ
الخير و الشرّ و النور و الظلام، فإله الخير و النور عنده «أهورامزدا» و إله الشرّ
و الظلام «أهريمن» و يحترم فكرة العناصر الأربعة و خاصّة «النّار» حتّى أعتبر
أتباعه عبدة للنار. و أينما كانوا وجد معهم معبد للنار صغير أو كبير.
و يرى البعض أنّ كلمة «مجوس» مشتقّة من «مغ» التي كانت تطلق على قادة و
روحانيي هذا الدين. كما أنّ كلمة «مؤبّد» التي تطلق حاليا على روحانيي هذا الدين،
مشتقّة في الأصل من «مغود».
و روي أنّهم من أتباع أحد أنبياء الحقّ (إلّا أنّهم انحرفوا بعد توحيدهم
اللّه، فأصبحوا على عقيدة يخالطها الشرك).
و جاء في رواية أنّ مشركي مكّة طالبوا النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم
بأخذ الجزية من أتباع زرادشت مقابل السماح لهم بالتزام ما يعتقدون به، فبيّن لهم
الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنّه لا يأخذ الجزية إلّا من أهل الكتاب،
فقالوا: كيف هذا و قد أخذت الجزية من مجوس