قليل فضرّهم كبير جدّا، و عبارة لَبِئْسَ
الْمَوْلى وَ لَبِئْسَ الْعَشِيرُ تؤكّد ذلك، و
عليه فلا تناقض بين الآيتين [1].
و ختام الآية المباركة نلحظ مقارنة بين الخير و الشرّ كما هو دأب القرآن
الكريم لتتّضح النتائج بشكل أكبر، فتقول الآية: إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا
الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ. فعاقبتهم معلومة و منهج تفكير هم و سلوكهم واضح فمولاهم هو اللّه تعالى، و رفاقهم
و جلساؤهم في الآخرة هم الأنبياء و الصالحون و الملائكة، و أنّ اللّه سبحانه يثيب
المؤمنين العاملين للصالحات، جنّات تجري من تحتها الأنهار، لينعموا بالسعادة و
السرور جزاء استقامتهم على الحقّ و استجابتهم له في الحياة الدنيا إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ.
و ثوابهم يسير عليه- جلّ و علا- يسر عقاب الذين ظلموا أنفسهم بإيثار الباطل
على الحقّ، و بعبادتهم الأصنام من دون اللّه سبحانه.
و في هذه المقارنة نلاحظ طائفة من الناس لم يؤمنوا إلّا بلسانهم، فهم على جانب
من الدين و ينحرفون بأدنى وسوسة، و ليس لهم عمل صالح، أمّا المؤمنون الحقيقيّون
فإيمانهم راسخ و لا تزعزعه العواطف و مثمر هذا من جهة .. و من جهة أخرى فلئن كان
مولى الخاسرين لا ينفع و لا يضرّ، فإنّ مولى الصالحين على كلّ شيء قدير. و لئن
خسر الظالمون كلّ شيء، فقد ربح المهتدون خير الدنيا و سعادة الآخرة.
[1]- بعض المفسّرين الأفاضل كمفسّر
الميزان فسّر عبارة «يدعو» بمعنى «يقول» إلّا أنّ ذلك لا يطابق ظاهر الآية.