نحو الخرافات و الجهل، و يدعهم في الآخرة في نار جهنّم، بل هم كما تقول الآية
98 من سورة الأنبياء: إِنَّكُمْ وَ ما
تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ.
و تضيف الآية في الختام لَبِئْسَ
الْمَوْلى وَ لَبِئْسَ الْعَشِيرُ فما أسوأه
ناصرا و معينا، و ما أسوأه مؤنسا و معاشرا.
و هنا يثار سؤال، فالآية السابقة تنفي كلّ فائدة و نفع من هذه الأصنام و كلّ
ضرر، و هذه الآية تقول إنّ ضررها أقرب من نفعها! فكيف ينسجم الحكمان؟
في الجواب عن ذلك نقول: إنّ ذلك أمر اعتيادي في المخاطبة، ففي مرحلة لا
يعتبرون لشيء فائدة و تأثير يذكر ثمّ يترقّى إلى الحال في مرحلة أخرى فيعدّونه
مصدر الضرر. كأن نقول: لا تصادق فلانا، فلا نفع فيه لدينك و لا لدنياك.
و بعدها نتقدّم فنقول إنّما هو: (أي هذا الصديق) سبب لتعاستك و افتضاحك. و هنا
تجد إضافة إلى كون الأصنام لا ضرر فيها لأعداء المشركين، لأنّها غير قادرة على
الإضرار بأعدائهم كما يتوقّعون منها، و لكنّها تتضمّن ضررا حتميّا لأتباعها.
كما أنّ صيغة «أفعل التفضيل» في كلمة «أقرب» كما قلنا سابقا: تعني عدم اتّصاف
طرفي المقارنة بصفة معينّة. و قد يكون الطرف الأضعف فاقدا لأيّة صفة، كأن نقول:
ساعة صبر عن الذنب خير من نار جهنّم (و ليس معنى ذلك أنّ نار جهنّم فيها خير، إلّا
أنّ الصبر أفضل منها،) و قد اختار هذا الرأي عدد من كبار المفسّرين كالشيخ الطوسي
في «التبيان» و الطبرسي في «مجمع البيان».
و احتمل البعض كالفخر الرازي في تفسير الآية بأنّ كلّ واحدة من هاتين الآيتين
إشارة إلى مجموعة من الأصنام، فالآية الأولى تخصّ الأصنام الحجرية و الخشبية، و
أمّا الآية الثّانية فتخصّ الطواغيت و البشر المتعالين أشباه الأصنام.
فالمجموعة الأولى لا تضرّ و لا تنفع، بل هي بالتأكيد خالية من أيّة صفة. أمّا
المجموعة الثّانية «أئمّة الضلال» فإنّهم يضرّون و لا ينفعون. و إذا كان فيهم خير