الشّر، إشارة إلى أنّ هذه الأحداث غير المرتقبة ليست شرّا و لا سوءا و إنّما
هي وسيلة للامتحان.
و يضيف القرآن المجيد في الختام- خَسِرَ
الدُّنْيا وَ الْآخِرَةَ و ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ مؤكّدا أنّ أفدح الضرر و أفظع الخسران، هو أن يفقد الإنسان دينه و دنياه. و
هؤلاء الأشخاص الذين يقيسون الحقّ بإقبال الدنيا عليهم ينظرون إلى الدين وفق
مصالحهم الخاصّة، و هذه الفئة موجودة بكثرة في كلّ مجتمع، و إيمانها مزيج بالشرك و
عبادة الأصنام، إلّا أنّ أصنامهم هي و أزواجهم و أبناؤهم و أموالهم و مواشيهم، و
مثل هذا الإيمان أضعف من بيت العنكبوت! و هناك مفسّرون يرون أنّ هذه الآية تشير
إلى المنافقين، لكن إذا اعتبرنا أنّ المنافق هو من لا يملك ذرّة من الإيمان، فإنّ
ذلك يخالف ظاهر هذه الآية، فعبارة «يعبد اللّه» و «اطمأنّ به» و «انقلب على وجهه»
تبيّن أنّه ذو إيمان ضعيف قبل هذا.
أمّا إذا قصد بالمنافق من يملك قليلا من الإيمان، فلا يعارض ما قلناه، و يمكن
قبوله.
و تشير الآية التالية إلى إعتقاد هذه الفئة الخليط بالشرك، خاصة بعد الانحراف
عن صراط التوحيد و الإيمان باللّه، فتقول:
يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَضُرُّهُ وَ ما لا يَنْفَعُهُ أي إذا كان هذا الإنسان يسعى إلى تحقيق مصالحه الماديّة و
الابتعاد عن الخسائر و يرى صحّة الدين في إقبال الدنيا عليه، و بطلانه في إدبارها
عنه. فلما ذا يتوجّه إلى أصنام لا يؤمّل منها خير، و لا يخاف منها ضرر.
فهي أشياء لا فائدة فيها، و لا أثر لها في مصير البشر؟! أجل ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ. إنّ هؤلاء ليبتعدون عن الصراط المستقيم بعدا حتّى لا ترجى عودتهم إلى الحقّ
إلّا رجاء ضعيفا جدّا.
و يوسّع القرآن الكريم هذا المعنى فيقول: يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ.
لأنّ هذا المعبود المختلق ينزل بفكرهم إلى الحضيض في هذه الدنيا، و يدفعهم