وقت تكون فيه هذه الآية دالّة على قادة هذه المجموعة الضالّة [1].
و عبارة لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ تبيّن هدف هذه المجموعة، ألّا و هو تضليل الآخرين، و هذا
دليل واضح على الفرق بينهما، مثلما توضّح هذا المعنى عبارة يَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ في الآيات السابقة التي تتحدّث عن اتّباع الشياطين.
و لكن ما الفرق بين «العلم» و «الهدى» و «الكتاب المنير»؟
للمفسّرين آراء في هذا المجال أقربها إلى العقل هو أنّ «العلم» إشارة إلى
الاستدلال العقلي. و «الهدى» إشارة إلى إرشاد القادة الرّبانيين. و «الكتاب
المنير» إشارة إلى الكتب السماويّة، أي أنّها تعني الأدلّة الثلاثة المعروفة
«الكتاب» و «السنّة» و «الدليل العقلي». و أمّا الإجماع فإنّه يعود إلى السنّة
طبقا لدراسات العلماء، و قد جمعت هذه الأدلّة الأربعة في هذه العبارة أيضا.
و يحتمل بعض المفسّرين أنّ «الهدى» إشارة إلى الإرشادات المعنوية التي يكتسبها
الإنسان في ظلّ بناء الذات و تهذيب النفس و تقواه. «و بالطبع يمكن ضمّ هذا المعنى
إلى ما تقدّم آنفا».
و يمكن أن يكون الجدال العلمي مثمرا إذا استند إلى أحد الأدلّة: العقل، أو
الكتاب، أو السنّة.
ثمّ يتطرّق القرآن المجيد في جملة قصيرة عميقة المعنى إلى أحد أسباب ضلال
هؤلاء القادة، فيقول: ثانِيَ عِطْفِهِ
لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إنّهم يريدون
أن يضلّوا الناس عن سبيل اللّه بغرورهم و عدم اهتمامهم بكلام اللّه و بالأدلّة
العقليّة الواضحة.
«ثاني» مشتقّة من «ثني» بمعنى التواء
و «عطف» تعني «جانب» فالجملة تعني ثني الجانب، أي الإعراض عن الشيء و عدم
الاهتمام به.
[1]- تفسير الميزان، و التّفسير
الكبير للفخر الرازي، في تفسير الآيات موضع البحث.