الغذائية التي تكوّن النطفة و غذاءها- من بعد- من تراب. و لا شكّ في أنّ الماء
يشكّل جزءا ملحوظا من جسم الإنسان، و الجزء الآخر من الأوكسجين و الكاربون، و ليس
من التراب، إلّا أنّ العنصر الأساس الذي تتشكّل منه أعضاء الجسم مصدره التراب. إذن
عبارة خلق الإنسان من تراب صحيحة حتما.
المرحلة الثّانية: (النطفة): يتحوّل التراب، هذا الموجود البسيط المهمل العديم
الحسّ و الحركة، يتحوّل إلى نطفة تتألّف من أحياء مجهولة مثيرة تسمّى عند الرجل
«أسپر» أو الحيمن و عند المرأة «أوول» أو البويضة و هي غاية في الصغر حتّى أنّها
تبلغ الملايين في نطفة الرجل! و المثير أنّ الإنسان يواصل عقب ولادته حركة
تدريجيّة هادئة، تأخذ في الغالب شكل «التكامل الكمّي» في الوقت الذي كانت حركته في
الرحم «كيفيّة» ترافقها طفرات سريعة مغيّرة. و التغيّرات المتعاقبة للجنين في
الرحم مدهشة إلى درجة يمكن تشبيهها بحشرة صغيرة بسيطة تتطوّر بعد أشهر قليلة إلى
طائرة نفّاثة! و قد تطوّرت و توسّعت الدراسات عن «علم الأجنة» اليوم بحيث تمكّن
علماؤه من دراسة الجنين في مراحله المختلفة، و كشفوا عن أسرار هذه الظاهرة العجيبة
في عالم الوجود. و عرضوا النتائج الباهرة التي توصّلوا إليها في دراساتهم عن
الجنين.
و في المرحلة الثّالثة يصبح الجنين علقة، و تكون خلاياه كحبّات التوت، بشكل
قطعة دم خاثر متلاصقة، يطلق عليها علميّا «مورولا». و بعد مضي مدّة قصيرة تظهر
أخاديد التقسيم الصغيرة كبداية لتقسيم أجزاء الجنين، و يطلق على الجنين في هذه
المرحلة اسم «لاستولا».
و في المرحلة الرّابعة يتّخذ الجنين شكل قطعة لحم ممضوغ، دون أن تتّضح معالم
الأعضاء فيه، و فجأة تحدث تغييرات في قشرة «الجنين» و تتّخذ شكلا يلائم العمل
المطلوب منه القيام به، فتظهر أعضاء الجسم تدريجيّا، و يسقط كلّ جنين