هذا الخلق دون هدف، كما يذكر القرآن الكريم هذا المعنى في مورد آخر: وَ ما خَلَقْنَا السَّماءَ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما
باطِلًا ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا[1].
و بما أنّ هذه الحياة ليست عبثا، و أنّ لها هدفا، و أنّنا لا نصل إلى تحقيق
ذلك الهدف في حياتنا، إذن نعلم من ذلك وجود المعاد و البعث حتما.
2- إنّ هذا النظام الذي يسيطر على عالم الحياة يقول لنا وَ أَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتى.
إنّ الذي يلبس الأرض لباس الحياة، و يغيّر النطفة التافهة إلى إنسان كامل، و
يمنح الحياة للأرض الميتة، لقادر على أن يمنح الحياة للموتى، فهل يمكن التردّد في قبول
فكرة المعاد مع وجود كلّ هذه التشكيلات الحيّة الدائمة للخالق جلّ و علا في هذا
العالم [2]؟
الهدف الآخر هو أن نعلم وَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ و لا يستحيل على قدرته شيء.
هل يمكن لأحد تحويل الأرض الميتة إلى نطفة؟ و يطوّر هذه النطفة التافهة في
مراحل الحياة؟ و يلبسها كلّ يوم لباسا جديدا من الحياة! و يجعل الأرض الجافّة
العديمة الروح خضراء زاهية تعلوها بهجة الحياة؟! أليس القادر على القيام بهذه
الأعمال بقادر على أن يحيي الإنسان بعد موته؟! 4- إنّ كلّ هذا لتعلموا أنّ ساعة
نهاية هذا العالم و بداية عالم آخر، ستحلّ بلا شكّ فيها وَ أَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها.
[2]- يرى بعض المفسّرين في عبارة أَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتى إشارة إلى حياة الناس في القيامة. مع أنّ هذا المعنى تضمّنته عبارة وَ أَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ أيضا، مع فارق هو أنّ العبارة الأولى إشارة إلى أصل
الحياة، و الثّانية إشارة إلى كيفية إحياء الموتى.
إلّا أنّ التّفسير الآخر الذي استندنا إليه بصورة أكثر، هو أنّ عبارة أَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتى إشارة إلى منح اللّه الحياة بشكل مستمر في هذه الدنيا، ليكون دليلا على إمكان
تحقّق ذلك يوم البعث.