و يصبح في وضع و كأنّه طفل لِكَيْلا
يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً و هذا الضعف و
الخمول دليل على بلوغ المرء مرحلة انتقالية جديدة كما نجد ضعف التحام الثمرة
بالشجرة حين تبلغ مرحلة النضج ممّا يدلّ على وصولها إلى مرحلة الانفصال.
و هذه التغيّرات المدهشة المتلاحقة التي تتحدّث عن قدرة اللّه تعالى غير
المحدودة، توضّح أنّ إحياء الموتى يسير على اللّه جلّت عظمته. و هناك بحوث تعرض
لمراحل الحياة المختلفة هذه، سنذكرها في الملاحظات القادمة.
ثمّ تتناول الآية بيان الدليل الثّاني أي حياة النباتات، فتبيّن ما يلي: تنظر
إلى الأرض في فصل الشتاء فتجدها جافّة و ميتة، فإذا سقط المطر و حلّ الربيع، دبّت
الحياة و الحركة فيها و نبتت أنواع النباتات فيها و نمت وَ تَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا
الْماءَ اهْتَزَّتْ وَ رَبَتْ وَ أَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ[1].
الآيتان اللاحقتان تشرحان ما توصّلنا إليه، و ذلك باستعراض خمس
ملاحظات
1- إنّ ما استعرضته الآيات الخاصّة بالمراحل التي تسبق مراحل الحياة للإنسان و
عالم النبات، من أجل أن تعلموا أنّ اللّه تعالى حقّ ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُ و بما أنّه هو الحقّ، فالنظام الذي خلقه حقّ أيضا، لهذا لا يمكن أن يكون
[1]- «الهامدة» تعني في الأصل النّار
التي أطفئت، و يطلق على الأرض التي جفّت نباتاتها و أصبحت دون حركة «مفردات الراغب
الاصفهاني» و البعض الآخر قال: إنّ كلمة «هامدة» تطلق على الحدّ الفاصل بين الموت
و الحياة (تفسير في ظلال القرآن).
«اهتزّت» مشقّة من «الهزّ» و تعني
تحرّكت بشدّة.
«ربت» مشقّة من «الربو» و تعني
الزيادة و النمو، كما أنّ كلمة «ربا» مشتقّة أيضا من «الربو».