قرأنا في آخر آية من الآيات السابقة أنّ المؤمنين آمنون من الفزع الأكبر و
همّه، و تجسّم هذه الآية رعب ذلك اليوم العظيم، و في الحقيقة تبيّن و تجسّد علّة
عظمة و ضخامة هذا الرعب، فتقول: يَوْمَ
نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ[1].
لقد كان الناس في الأزمنة الغابرة يستعملون أوراقا كالطومار لكتابة الرسائل و
الكتب، و كانوا يطوون هذا الطومار قبل الكتابة، ثمّ أنّ الكاتب يفتح منه تدريجيّا
و يكتب عليه ما يريد كتابته، ثمّ يطوى بعد الانتهاء من الكتابة و يضعونه جانبا، و
لذلك فقد كانت رسائلهم و مثلها كتبهم أيضا على هيئة الطومار، و كان هذا الطومار
يسمّى سجلا، إذ كان يستفاد منه للكتابة.
و في هذه الآية تشبيه لطيف لطيّ سجل عالم الوجود عند انتهاء الدنيا، ففي
[1]- السجل: الدلو العظيمة، و السّجلّ
حجر كان يكتب فيه، ثمّ سمّي كلّ ما يكتب فيه سجلا- مفردات الراغب و القاموس- و
ينبغي الالتفات إلى أنّه احتملت احتمالات عديدة في تفسير جملة كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ إلّا أنّ أقربها أنّ «طي» مصدر للسجل الذي أضيف مفعوله، و اللام في (للكتب)
إمّا للإضافة أو لبيان العلّة. دقّقوا ذلك.