تبيّن هاتان الآيتان جانبا من قصّة شخصيتين أخريين من أنبياء اللّه العظماء، و
هما زكريا و يحيى عليهما السّلام. فتقول الأولى: وَ زَكَرِيَّا إِذْ نادى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي
فَرْداً وَ أَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ.
لقد مرّت سنين من عمر زكريا، و اشتعل رأسه شيبا، و لم يرزق الولد حتّى ذلك
الحين، ثمّ أنّ زوجته كانت عقيما، و قد كان يأمل أن يرزق ولدا يستطيع أن يكمل
مناهجه الإلهيّة و أعماله التبليغيّة، و لئلّا يتسلّط المنتفعون على معبد بني
إسرائيل، فينهبوا منه أمواله و هداياه التي ينبغي إنفاقها في سبيل اللّه.
و عندئذ توجّه إلى اللّه بكلّ وجوده و سأله ولدا صالحا ... و دعا اللّه دعاء
يفيض تأدّبا، فبدأ دعاءه بكلمة «ربّ»، الربّ الذي يشمل الإنسان بلطفه من أوّل
لحظة.
ثمّ أكّد زكريا عليه السّلام على هذه الحقيقة، و هي أنّي إن بقيت وحيدا
فسأنسى-