يونس بن متّى» فقال رجل: يا رسول اللّه هي ليونس خاصّة أم لجماعة المسلمين؟
قال: «هي ليونس خاصّة و للمؤمنين إذا دعوا بها، ألم تسمع قول اللّه وَ كَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ؟ فهو شرط من اللّه لمن دعاه» [1].
و لا يحتاج أن نذكر بأنّ المراد ليس قراءة الألفاظ و الكلمات فقط، بل جريان
حقيقتها في أعماق روح الإنسان، أي أن ينسجم كلّ وجوده مع معنى تلك الألفاظ حين
قراءتها.
و يلزم التذكير بهذه المسألة، و هي أن العقوبات الإلهيّة على نحوين:
أحدهما: عذاب الاستيصال، أي العقوبة النهاية التي تحلّ لمحو الأفراد الذين لا
يمكن إصلاحهم، إذ لا ينفعهم أي دعاء حينئذ، لأنّ أعمالهم ذاتها ستكرّر بعد هدوء
عاصفة البلاء.
و الآخر: عذاب التنبيه، و الذي له صفة تربوية، و يرتفع مباشرة بمجرّد أن يؤثّر
أثره و يتنبّه المخطئ و يثوب إلى رشده. و من هنا يتّضح أنّ إحدى غايات الآفات و
الابتلاءات و الحوادث المرّة هي التوعية و التربية.
إنّ حادثة يونس عليه السّلام تحذّر بصورة ضمنيّة جميع قادة الحقّ و المرشدين
إليه بأن لا يتصوّروا انتهاء مهمتهم مطلقا، و لا يستصغروا أي جهد و سعي في هذا
الطريق، لأنّ مسئولياتهم ثقيلة جدّا.
[1]- الدرّ المنثور، طبقا لنقل
الميزان، ذيل الآيات مورد البحث.