responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 10  صفحه : 226

شكرك، فسلّطني على دنياه حتّى يتبيّن الأمر، فسلّطه اللّه عليه ليكون هذا الحادث سندا لكلّ سالكي طريق الحقّ.

فانحدر إبليس و أهلك أموال أيّوب و أولاده الواحد تلو الآخر، و لكن لم تزد هذه الحوادث أيّوب إلّا ثباتا على الإيمان و خضوعا لقضاء اللّه و قدره.

فسأل الشيطان اللّه سبحانه أن يسلطه على زرعه و غنمه فسلطه، فأحرق كلّ زرعه، و أهلك كلّ غنمه، فلم يزدد أيّوب إلّا حمدا و شكرا.

و أخيرا طلب الشيطان من اللّه أن يسلطه على بدن أيّوب ليكون سبب مرضه، و هكذا كان بحيث لم يكن قادرا على الحركة من شدّة المرض و الجراحات، لكن من دون أن يترك أدنى خلل في عقله و إدراكه.

و الخلاصة، فقد كانت النعم تسلب من أيّوب الوحدة تلو الاخرى، و لكن شكره كان يزداد في موازاتها، حتّى جاء جمع من الرهبان لرؤيته و عيادته، فقالوا:

قل لنا أي ذنب عظيم قد اقترفت حتّى ابتليت بمثل هذا الابتلاء؟ و هنا بدأت شماتة هذا و ذاك، و كان هذا الأمر شديدا على أيّوب، فقال مجيبا: و عزّة ربّي انّي ما أكلت لقمة من طعام إلّا و معي يتيم أو مسكين يأكل على مائدتي، و ما عرض لي أمران كلاهما فيه طاعة للّه إلّا أخذت بأشدّهما عليّ.

عند ذاك كان أيّوب قد اجتاز جميع الامتحانات صابرا شاكرا متجمّلا: و هو يناجي ربّه بلسان مهذّب و دعا أن يكشف عنه ضرّه بتعبير صادق ليس فيه أدنى شكوى- و هو ما ذكرته الآية المتقدّمة: رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَ أَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ‌- و في هذه الأثناء فتحت أبواب الرحمة الإلهيّة، و رفع البلاء بسرعة، و انهمرت عليه النعم الإلهيّة أكثر من ذي قبل‌ [1].

أجل ... إنّ رجال الحقّ لا تتغير أفكارهم و أعمالهم بتغيّر النعم، فهم يتوجّهون إلى اللّه في حريتهم و سجنهم و سلامتهم و مرضهم و قوّتهم و ضعفهم، و بكلمة واحدة


[1]- تفسير القمّي، طبقا لنقل تفسير الميزان.

نام کتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 10  صفحه : 226
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست