responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 10  صفحه : 192

يسأل من الأصنام المحطّمة الأيدي و الأرجل عمّن فعل بها ذلك، لا من الصنم الكبير لأنّ ضمير (هم)، و كذلك ضمائر «إن كانوا ينطقون» كلّها بصيغة الجمع، و هذا أنسب مع التّفسير الأوّل‌ [1].

لقد هزّت كلمات إبراهيم الوثنيين و أيقظت ضمائرهم النائمة الغافلة، و أزاح الرماد عن شعلة النّار فأضاءها، و أنار فطرتهم التوحيديّة من خلف حجب التعصّب و الجهل.

في لحظة سريعة استيقظوا من هذا النوم العميق و رجعوا إلى فطرتهم و وجدانهم، كما يقول القرآن: فَرَجَعُوا إِلى‌ أَنْفُسِهِمْ فَقالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ‌ [2] فقد ظلمتم أنفسكم و مجتمعكم الذي تنتمون إليه، و كذلك ساحة اللّه واهب النعم المقدّسة.

و الطريف في الأمر أنّنا قرأنا في الآيات السابقة أنّهم اتّهموا إبراهيم بكونه ظالما، و هنا قبلوا و اعترفوا في أنفسهم بأنّ الظالم الأصلي و الحقيقي هو أنفسهم.

و في الواقع فإنّ كلّ مراد إبراهيم من تحطيم الأصنام تحطيم فكر الوثنية و روح الصنمية، لا تحطيم الأصنام ذاتها، إذ لا جدوى من تحطيمها إذا صنع الوثنيّون العنودون أصناما أكبر منها و جعلوها مكانها، و توجد أمثلة كثيرة لهذه المسألة في تأريخ الأقوام الجاهلين المتعصّبين.

إلى الآن استطاع إبراهيم أن يجتاز بنجاح مرحلة حسّاسة جدا من طريق تبليغه الرسالة، و هي إيقاظ الضمائر عن طريق إيجاد موجة نفسيّة هائجة.

و لكن للأسف، فإنّ صدأ الجهل و التعصّب و التقليد الأعمى كان أكبر من أن يصقل و يمحى تماما بنداء بطل التوحيد.


[1]- إضافة إلى أنّ ضمير كبيرهم مع البقيّة متشابه.

[2]- احتمل بعض المفسّرين أن يكون المراد من‌ فَرَجَعُوا إِلى‌ أَنْفُسِهِمْ‌ أنّهم تحدّثوا بينهم عن ذلك الكلام، و لام بعضهم بعضا.

إلّا أنّ ما قلناه يبدو هو الأصحّ.

نام کتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 10  صفحه : 192
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست