responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 10  صفحه : 184

إنّ مقولة إبراهيم عليه السّلام هذه في الحقيقة استدلال على بطلان عبادة الأصنام، لأنّ ما نراه من الأصنام هو المجسّمة و التمثال، و الباقي خيال و ظنّ و أوهام، فأي إنسان عاقل يسمح لنفسه أن يوجب عليها كلّ هذا التعظيم و الاحترام لقبضة حجر أو كومة خشب؟ لماذا يخضع الإنسان- الذي هو أشرف المخلوقات- أمام ما صنعه بيده، و يطلب منه حلّ مشاكله و معضلاته؟! إلّا أنّ عبدة الأصنام لم يكن عندهم- في الحقيقة- جواب أمام هذا المنطق السليم القاطع، سوى أن يبعدوا المسألة عن أنفسهم و يلقوها على عاتق آبائهم، و لهذا قالُوا وَجَدْنا آباءَنا لَها عابِدِينَ‌.

و لمّا كانت حجّتهم بأنّ «هذه العبادة هي سنّة الآباء» غير مجدية نفعا .. و لا نمتلك دليلا على أنّ السابقين من الآباء و الأجداد أعقل و أكثر معرفة من الأجيال المقبلة، بل القضيّة على العكس غالبا، لأنّ العلم يتّسع بمرور الزمن، فأجابهم إبراهيم مباشرة ف قالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَ آباؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ‌.

إنّ هذا التعبير المقترن بأنواع التأكيدات، و الحاكي عن الحزم التامّ سبّب أن يرجع عبدة الأصنام إلى أنفسهم قليلا، و يتوجّهوا إلى التحقّق من قول إبراهيم، فأتوا إلى إبراهيم‌ قالُوا أَ جِئْتَنا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ‌ لأنّ أولئك الذين كانوا قد اعتادوا على عبادة الأصنام، و كانوا يظنّون أنّ ذلك حقيقة حتميّة، و لم يكونوا يصدّقون أنّ أحدا يخالفها بصورة جديّة، و لذلك سألوا إبراهيم هذا السؤال تعجّبا، إلّا أنّ إبراهيم أجابهم بصراحة: قالَ بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَ أَنَا عَلى‌ ذلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ‌.

إنّ إبراهيم عليه السّلام قد بيّن بهذه الكلمات القاطعة أنّ الذي يستحقّ العبادة هو خالقهم و خالق الأرض و كلّ الموجودات، أمّا قطع الحجر و الخشب المصنوعة فهي لا شي‌ء، و ليس لها حقّ العبادة، و خاصة و قد أكّد بجملة وَ أَنَا عَلى‌ ذلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ‌ فأنا لست الشاهد الوحيد على هذه الحقيقة، بل إنّ كلّ العقلاء الذين‌

نام کتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 10  صفحه : 184
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست