و على قول تفسير الكشّاف فإنّ جملة وَ
لَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ ... تتضمّن ثلاثة
تعابير كلّها تشير إلى القلّة: التعبير بالمسّ، و التعبير بالنفحة، من ناحية
اللغة، و من ناحية الوزن و الصيغة أيضا [1].
و الخلاصة: إنّ ما يريد أن يقوله القرآن الكريم هو: إنّ هؤلاء الذين عميت
قلوبهم يسمعون كلام النّبي و منطق الوحي سنين طويلة، و لا يؤثّر فيهم أدنى تأثير،
إلّا أنّهم عند ما تلهب ظهورهم سياط العذاب- و إن كانت خفيفة يسيرة- سيصرخون إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ ألا ينبغي لهؤلاء أن ينتبهوا قبل أن تصيبهم سياط العذاب؟
و لو انتبهوا حينئذ، فما الفائدة؟ فإنّ هذه اليقظة الاضطرارية لا تنفعهم، و
إذا ما هدأت فورة العذاب و اطمأنّوا فإنّهم سيعودون إلى ما كانوا عليه! أمّا الآية
الأخيرة التي نبحثها فتشير إلى حساب القيامة الدقيق، و جزائها العادل، ليعلم
الكافرون و الظالمون أنّ العذاب على فرض أنّه لم يعمّهم في هذه الدنيا، فإنّ عذاب
الآخرة حتمي، و سيحاسبون على جميع أعمالهم بدقّة، فتقول: