و تضيف الآية في النهاية: سَأُرِيكُمْ
آياتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ.
التعبير ب (آياتي) هنا يمكن أن يكون إشارة إلى آيات العذاب و علاماته و البلاء
الذي كان يهدّد به النّبي صلى اللّه عليه و آله و سلم مخالفيه، و لكن هؤلاء الحمقى
كانوا يقولون مرارا: فأين تلك الابتلاءات و المصائب التي تخوّفنا بها؟ فالقرآن
الكريم يقول:
لا تعجلوا فلا يمضي زمن طويل حتّى تحيط بكم.
و قد يكون إشارة إلى المعجزات التي تؤيّد صدق نبي الإسلام صلى اللّه عليه و
آله و سلم، أي أنّكم لو صبرتم قليلا فستظهر لكم معجزات كافية.
و لا منافاة بين هذين التّفسيرين، لأنّ المشركين كانوا عجولين في كليهما، و قد
أراهم اللّه كليهما، و إن كان التّفسير بالأوّل يبدو هو الأقرب و الأنسب مع الآيات
التالية.
ثمّ يشير القرآن إلى إحدى مطالب أولئك المستعجلين فيقول: وَ يَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ
صادِقِينَ فهؤلاء كانوا ينتظرون قيام القيامة بفارغ
الصبر، و هم غافلون عن أنّ قيام القيامة يعني تعاستهم و شقاءهم المرير، و لكن ماذا
يمكن فعله؟ فإنّ الإنسان العجول يعجّل حتّى في قضيّة تعاسته و فنائه؟
و التعبير ب إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ بصيغة الجمع مع أنّ المخاطب رسول اللّه صلى اللّه عليه و
آله و سلم، من أجل أنّهم أشركوا أنصاره و أتباعه الحقيقيّين في الخطاب، فكأنّهم
أرادوا أن يقولوا: إنّ عدم قيام القيامة دليل على أنّكم كاذبون جميعا.
و تجيبهم الآية التالية فتقول: لَوْ
يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَ لا
عَنْ ظُهُورِهِمْ وَ لا هُمْ يُنْصَرُونَ.
إنّ التعبير ب «الوجوه» و «الظهور» في الآية محلّ البحث إشارة إلى أنّ جهنّم
ليست نارا تحرقهم من جهة واحدة، بل إنّ وجوه هؤلاء و ظهورهم في النّار، فكأنّهم
غرقوا و دفنوا في وسط النّار! و جملة وَ لا هُمْ
يُنْصَرُونَ إشارة إلى أنّ هذه الأصنام التي يظنّون أنّها