هدفيّة الدنيا، بل هي للهو و اللعب فقط: إنّ هذا العالم مجموعة من الحقّ و
الواقع، و لم يقم أساسه على الباطل بَلْ
نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ.
و تقول في النهاية: وَ لَكُمُ الْوَيْلُ
مِمَّا تَصِفُونَ و تتحدّثون عن عدم هدفية الخلق.
أي إنّنا نجعل الأدلّة العقليّة و الاستدلالات الواضحة و المعجزات البيّنة إلى
جانب ظنون و أوهام اللاهدفيين، لتتبخّر و تتلاشى هذه الأوهام في نظر العلماء و
أصحاب الفكر و الرأي.
إنّ أدلّة معرفة اللّه واضحة، و أدلّة وجود المعاد بيّنة، و براهين أحقيّة
الأنبياء جليّة، و الحقّ يمكن تمييزه عن الباطل تماما إذا لم يكن الشخص من
المعاندين.
و ممّا يستحقّ الانتباه أنّ جملة «نقذف» من مادّة (قذف) بمعنى الإلقاء، و
خاصّة الإلقاء من طريق بعيد، و لمّا كان للقذف من بعيد سرعة و قوّة أكثر، فإنّ هذا
التعبير يبيّن قدرة انتصار الحقّ على الباطل. و كلمة «على» أيضا مؤيّدة لهذا
المعنى.
و جملة «يدمغه» على قول الراغب كسر «الجمجمة و الدماغ»، و تعتبر أكثر نقطة في
بدن الإنسان حسّاسيّة، و هو تعبير بليغ عن غلبة جند الحقّ غلبة واضحة قاطعة.
و التعبير ب (إذا) توحي بأنّا حتّى في الموارد التي لا ينتظر و لا يتوقّع
انتصار الحقّ فيها، فإنّنا سنجري هذه السنّة. و التعبير ب «زاهق» و الذي يعني
الشيء المضمحل، تأكيد على هذا المقصود.
و أمّا أنّ جملتي (نقذف) و (يدمغ) قد جاء تا بصيغة الفعل المضارع، فهو دليل
على استمرار هذه السنّة.