يختلط الأمر عليه و يهجر- و العياذ باللّه- فهو يحسب مناماته المضطربة وحيا! و
يقولون حينا: لماذا أنت بشر؟ و يتذرّعون أحيانا بطلب معجزة جديدة مع كلّ تلك
المعاجز.
إذا لم يكن لدينا دليل على بطلان كلامهم إلّا هذا الاضطراب و التمزّق، فإنّه
كاف لوحده، و لكنّنا سنرى في الآيات التالية أنّ القرآن سيجيبهم جوابا حاسما من
طرق أخرى أيضا.
ملاحظة:
هل القرآن محدث؟
لقد أورد جمع من المفسّرين في ذيل الآيات- لوجود كلمة (محدث) في الآية
الثّانية من الآيات محلّ البحث- بحوثا جمّة حول كون كلام اللّه حادثا أم قديما؟ و
هي نفس المسألة التي أثيرت في زمن خلفاء بني العبّاس و صارت مثارا للجدل لسنين
طويلة، و كانت قد لفتت انتباه و أفكار جماعة من العلماء.
إلّا أنّنا نعلم اليوم جيدا أنّ معظم هذا الموضوع كان يراد منه الإشغال
السياسي ليهتمّ به علماء الإسلام، و ينصرفوا عن المسائل الضروريّة و الأساسيّة
التي تتعلّق بشؤون الحكومة و كيفيّة حياة الناس، و حقائق الإسلام الأصيلة.
و اليوم اتّضح لنا تماما أنّ المراد من كلام اللّه محتواه و مضمونه، و هو قديم
قطعا، أي إنّه كان دائما في علم اللّه، و إنّ علم اللّه الواسع كان محيطا بالقرآن
على الدوام. و إذا كان المراد منه هذه الألفاظ و الكلمات، و هذا الوحي الذي نزل
على النّبي صلى اللّه عليه و آله و سلم فلا شكّ في أنّه حادث.
أي عاقل يقول: إنّ ألفاظ القرآن و كلماته أزليّة؟ أو أنّ نزول الوحي على
النّبي صلى اللّه عليه و آله و سلم لم يكن من بداية أمر الرسالة؟ و بناء على هذا
فأنتم تلاحظون بأنّ