ومن اليقين أنّ مثل هذ الغضب مقدّس وإلهي حيث يوثّر كثيراً على مستوى سوق
الشخص المذنب بإتّجاه الحق والعدالة والسير في خط الإيمان.
4- ونقرأ في حالات أبي ذر رضى الله عنه عندما لم يتحمل عثمان أمره بالمعروف
ونهيه عن المنكر أمر بتبعيده ونفيه إلى صحراء الربذة في أسوأ الظروف والحالات، فما
كان من الإمام علي عليه السلام إلّاأن حضر لتوديعه وقال له: «يا أَبا ذَر إِنَّكَ غَضِبتَ للَّهِ (عَزَّ وَجَلَّ) فَارْجُ مَنْ غَضِبتَ
لَهُ إِنَّ القَومَ خافُوكَ عَلى دُنياهُم وَخِفتَهُم عَلى دِينِكَ، فَاترُكْ
فِي أَيدِيهِم ما خافُوكَ عَلَيهِ وَاهرُب مِنهُم بِما خِفتَهُم عَلَيهِ»[2].
وبديهي أنّ غضب أبي ذر رضى الله عنه كان بالنسبة إلى مايراه من التلاعب بأموال
المسلمين وبيت المال وما يشاهده من الظلم والجور بحق سائر المسلمين فإنّ مثل هذا
الغضب يقع في دائرة الغضب الإلهي المقدّس.
وفيكلام آخر لأبي ذر رضى الله عنه أيضاً عندما أمر معاوية بنفيه عن الشام
وابعاده عنه لشدّة انتقاداته اللاذعة وجرأته وشجاعته في اللَّه حيث خاف معاوية على
مقامه وسمعته بين أهل الشام، فما كان من أبي ذر رضى الله عنه إلّاأنّ خاطب
المسلمين من أهل الشام الذين جاءوا لتوديعه وقال: «أَيُّها النّاسُ إِجمَعُوا مَعَ صَلاتِكُم وَصَومِكُم غَضَباً للَّهعَزَّ وَجَلَّ
إِذا عُصِيَ فِي الأَرضِ»[3].
5- ونقرأ في حديث شريف عن سيرة سيد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام عندما
جاء إلى والي المدينة الوليد بن عتبة: «فَقَد
كانَتْ بَينَ الحُسينِ عليه السلام وَبَينَ الولِيد بنِ عَقبةِ مَنازَعَةٌ فِي
ضَيعَةٍ فَتَناوَلَ الحُسَينِ عليه السلام عَمامَةَ الوليدِ عَنْ رَأَسِهِ
وَشَدَّها فِي عُنقِهِ وَهُوَ يَومَئِذٍ والٍ عَلَى