المَدينَةِ، فَقالَ مَروانُ: بِاللَّهِ ما رَأَيتُ كَاليَومِ جُرأَةَ رَجُلٍ
عَلى أَمَيرهِ، فَقالَ الوَلِيدُ: وَاللَّهِ ما قُلتَ هذا غَضَباً لِي
وَلَكِنَّكَ حَسَدتَنِي عَلى حَلمِي عَنهُ وَإِنّما كَانَتِ الضَّيعَةُ لَهُ،
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام: الضَّيعَةُ لَكَ يا وَلِيدُ وَقامَ»[1].
وهذه إشارة إلى أنّ غضبه عليه السلام لم يكن للدنيا وحطامها بل لإثبات عجز
الوليد عن فرض رأيه بالقوة.
6- ونقرأ في حديث آخر عن الإمام أميرالمؤمنين عليه السلام عندما بعث بمالك
الأشتر والياً على مصر فارسل معه كتاباً إلى أهل مصر يقول فيه: «مِنْ عَبدِاللَّهِ عَليِّ أَمِيرِالمُؤمِنِينَ عليه
السلام إلَى القَومِ الَّذِينَ غَضِبُوا للَّهِ حِينَ عُصِيَ فِي أَرضِهِ وَذُهِبَ
بِحَقِّهِ»[2].
7- وورد في بعض الأحاديث الشريفة أنّ اللَّه تعالى أوحى لأشعياء النبي عليه
السلام: «إِنِّي مُهلِكٌ مِنْ قَومِكَ مائَةَ أَلفٍ،
أَربَعينَ أَلفاً مِنْ شِرارِهِم وَسَتِّينَ ألفاً مِنْ خيارِهِم، فقالَ عليه
السلام:
هذه وأمثالها من الروايات الواردة في المصادر الإسلامية غير قليلة وتتحدّث
جميعها عن الغضب المقدّس الذي يكون للَّهتعالى وللدفاع عن الحق مقابل الظالمين
وقوى الانحراف وأصحاب البدع والضلالة.
أمّا الفرق بين الغضب المقدّس والمذموم هو أولًا: إنّ الغضب المقدّس يقع تحت سيطرة العقل والشرع
ولا يتجاوز هذه الدائرة ويكون بهدف تعبئة جميع قوى الإنسان لمواجهةالعمل المنكر
الذي يراد ارتكابه لمنع وقوعه وارتكابه، وأمّا الغضب الشيطاني فإنّه ليس فقط لا
يقع تحت دائرة العقل والشرع، بل يكون بوحي من الأهواء والشهوات والنوازع الذاتية
التي تقود الإنسان في خط الانحراف والباطل.
ثانياً: إنّ الغضب المقدّس يتّجه لتحقيق أهداف مقدّسة
ويتقارن مع المنهجية والنظم في دائرة السلوك والعمل، في حين أنّ الغضب المذموم
والشيطاني لا يهدف إلى تحقيق شيء مفيد ومقدّس ويفتقد كذلك إلى البرمجة والنظم.
ثالثاً: إنّ الغضب المقدّس له حدود معيّنة لا يتجاوز
عنها، في حين أنّ الغضب الشيطاني