[٢]
قال المحقّق الشعراني قدسسره في هامش الوافي : « قوله : لا ينخع ولا
يقطع الرقبة بعد ما ذبح. ليس معناه أنّه يجوز قطع النخاع والرقبة قبل الذبح ، بل
هو حرام بالطريق الأولى ؛ لأنّ قطع النخاع يزهق النفس قبل فري الأوداج ؛ ولذلك
قلنا : إنّ الذبح من القفا محرّم ، بل إذا أسرع في الذبح بحيث قطع النخاع قبل خروج
الدم حرم أيضاً. وفي المختلف : قال ابن حمزة : فإن نخع عمداً أو
سهواً ولم يخرج الدم حرم ، وإن خرج الدم وفعل سهواً أو سبقه السكّين لم يحرم ، انتهى.
وفي كتاب النهاية للشيخ رحمهالله : فإن سبقه السكّين وأبان
الرأس جاز أكله إذا خرج منه الدم ، فإن لم يخرج الدم لم يجز أكله. انتهى. وقال ابن
إدريس : لا دليل على ما أورده في نهايته من كتاب ولا سنّة مقطوع بها ولا إجماع ، وإنّما
أورده إيراداً لا اعتقاداً. انتهى.
وأقول
: كلام ابن إدريس غريب ؛ لأنّ النخاع إذا قطع ولم يخرج الدم دلّ على عدم كون فري
الأوداج مؤثّراً في إزهاق روح الحيوان ، وأنّه قد مات بقطع النخاع ، وأيّ دليل
أقوى من ذلك في تحريم الذبيحة؟ إذ لا ريب في أنّ فري الأوداج وأمثاله مشروع ليكون
إزهاق النفس مستنداً إليه ، وليس عملاً تعبّديّاً ؛ ولذلك قالوا : إذا تردّى أو
تدهده أو عرق أو غاب الصيد ولم يعلم استناد موته إلى جرح الصائد لم يحلّ ، وفي
مفروض المسألة هنا كذلك ؛ لأنّ النخاع إذا قطع ولم يخرج الدم تبيّن عدم استناد
الموت إلى الذبح ، وأمّا إذا خرج الدم دلّ ذلك على تأثير الذبح في إزهاق النفس ، فقول
الشيخ مدلّل بأقوى الدلائل. هذا في أحد موردي كلامه ، وأمّا المورد الآخر وهو
القطع عمداً مع خروج الدم لا سهواً فدليله الخبر والرواية التالية ، والظاهر من
النهي في أمثال هذه المسائل تحريم المذبوح ؛ ولأنّه يحتمل كون قطع النخاع وخروج
الدم معاً مؤثّرين في إزهاق النفس ، فيكون الموت مستنداً إلى المحلّل وغير
المحلّل.
وأمّا
إذا سها أو سبقته السكّين ، فمقتضى القاعدة أن تكون الذبيحة محرّمة أيضاً ؛
لاستناد الموت إلى قطع النخاع في الجملة احتمالاً ، ولكن خرج عنها بالروايات التي
سبقت ، مع أنّا لا نعرف قائلاً بالحرمة فيه ، فمذهب الشيخ في النهاية قويّ جدّاً ».
[٣]
التهذيب ، ج ٩ ، ص ٦٠ ، ح ٢٥٢ ، معلّقاً
عن الحسن بن محبوب الوافي ، ج ١٩ ، ص ٢٢٥ ، ح ١٩٢٨٦ ؛ الوسائل ، ج ٢٤ ، ص ٢٩ ، ح ٢٩٩٠٤.