responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الذريعة إلى حافظ الشريعة نویسنده : رفيع الدين محمد الجيلاني    جلد : 1  صفحه : 173

والسفر في البرّ والبحر، وأشياءَ ممّا يحدث في الأزمنة من الأمطار والرياح والحرّ والبرد، وبها يهتدي السائرون في ظلمة الليل ليقطع القفار الموحشة واللجج الهائلة، مع ما في تردّدها في كبد السماء مقبلة ومدبرة ومشرقة ومغربة من العِبر؛ فإنّها تسير أسرعَ السير وأحثَّه.

أرأيت لو كان الشمس والقمر والنجوم بالقرب منّا حتّى‌ تبيّن لنا سرعة سيرها بكنه ما عليه، ألم يكن يستخطف الأبصار بوهجها [1] وشعاعها كالذي يحدث أحياناً من البروق إذا توالت واضطرمت في الجوّ، وكذلك أيضاً لو أنّ اناساً كانوا في قبّة مكلّلة [2] بمصابيحَ تدور حولهم دوراً حثيثاً لحارت أبصارهم حتّى يخرجوا لوجوههم.

فانظر كيف قدّر أن يكون مسيرها في البُعد البعيد لكيلا تضرّ في الأبصار وتنكأ فيها، وبأسرع السرعة لكيلا تتخلّف عن مقدار الحاجة في مسيرها، وجعل فيها جزءاً يسيراً من الضوء يسدّ مسدّ الأضواء إذا لم يكن قمر، ويمكن فيه الحركة إذا حدثت ضرورة، كما قد يحدث الحادث على المرء فيحتاج إلى التجافي جوفَ الليل، فإن لم يكن شي‌ء من الضوء يهتدي به لم يستطع أن يبرح مكانه، فتأمّل اللطف والحكمة في هذا التقدير حين جعل للظلمة دولة ومدّة لحاجةٍ إليها، وجعل خلالَها شي‌ء من الضوء للمآرب التي وصفنا.

وفكِّر في هذا الفلك بشمسه وقمره ونجومه وبروجه تدور على العالم هذا الدَّوَرانَ الدائمَ بهذا التقدير والوزن؛ لما في اختلاف الليل والنهار وهذه الأزمانِ الأربعةِ [3] على الأرض وما عليها من أصناف الحيوان والنبات من ضروب المصلحة كالذي بيّنت وشخّصت لك آنفاً، وهل يخفى على ذي لبّ أنّ هذا تقديرُ مقدّرٍ وصواب وحكمة من مقدّرٍ حكيم؟


[1]. الوَهْج والوَهَج والوَهَجان: حرارة الشمس والنار من بعيد. والوَهَج والوَهيج: تلألؤ الشي‌ء وتوقّده. لسان العرب، ج 2، ص 401 (وهج).

[2]. أي محفوفة بالنور. انظر لسان العرب، ج 11، ص 596 (كلل).

[3]. في المصدر:+/ «المتوالية من التنبيه».

نام کتاب : الذريعة إلى حافظ الشريعة نویسنده : رفيع الدين محمد الجيلاني    جلد : 1  صفحه : 173
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست