أحدها: الظاهر من
الآية الكريمة و الأخبار وجوب الفدية لمسمّى الحلق، و به صرّح جماعة من الأصحاب
منهم الشيخ، و الظاهر وفاقهم عليه، و خالف فيه العامّة، ففي الخلاف:
حدّ ما يلزم فيه
الفدية ما يقع عليه اسم الحلق، و حدّه الشافعي بثلاث شعرات فصاعداً إلى جميع
الرأس، و قال أبو حنيفة بحلق ربع الرأس، و إن كان أقلّ من الربع فعليه الصدقة.[2]
و ثانيها: إطلاق المدّين
يشمل غير الحنطة من القوت الغالب، و فسّره طاب ثراه بأي جنس من الطعام، خلافاً
لأبي حنيفة حيث قال: يجب مدّان من الحنطة و صاع من التمر و الزبيب، و قال أحمد:
مدّ من البُرّ و مدّان من غيره.[3] و ثالثها: يستفاد من
الآية الكريمة و من الأخبار المذكورة اختصاص ما ذكر من الفدية بما إذا كان الحلق
لأذًى، و لم أجد نصّاً صريحاً في غيره.
نعم، ورد في بعض الأخبار
الدم خاصّة في الحلق من غير تقييد بالأذى، و ظاهره تعيّنه، منها: صحيحة زرارة[4]، و مثلها
صحيحة زرارة[5] المتقدِّمة،
فلا يبعد القول به فيما إذا لم يكن الحلق لأذًى؛ للجمع، لكنّه خلاف ما ذهبوا إليه،
فإنّهم ذهبوا إلى التخيير مطلقاً على ما يظهر من المنتهى، ففيه:
أجمع علماء الأمصار
كافّة على وجوب الفدية على المحرم إذا حلق رأسه متعمّداً- إلى قوله-: و الفدية
تتعلّق بمَن حلق رأسه، سواء كان لأذى أو لغير أذى؛ لأنّ الآية دلّت
[2]. الخلاف، ج 2، ص 238، المسألة 98. و انظر: فتح
العزيز، ج 7، ص 378 و 438 و 466؛ بدائع الصنائع، ج 1، ص 5 و 117؛ و ج 2، ص 187؛
المغني لابن قدامة، ج 3، ص 521؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة، ج 3، ص 263-
264؛ المجموع للنووي، ج 7، ص 374.