و الدليل على هذا التفضيل خبر الحسن الصيقل،[1] و ما رواه
الشيخ بسند آخر عنه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «كنت جالساً عند زياد بن
عبد اللّه و عنده ربيعة الرأي، فقال له زياد: يا ربيعة، ما الذي حرّم رسول اللَّه
صلى الله عليه و آله من المدينة؟ فقال: بريد في بريد، فقال أبو عبد اللّه عليه
السلام: فقلت لربيعة: و كان على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه و آله أميال! فسكت
و لم يحسن، فمال عليَّ زياد فقال: يا أبا عبد اللّه عليه السلام، فما تقول أنت؟
قلت: حرّم رسول اللَّه صلى الله عليه و آله من المدينة من الصيد ما بين لابتيها،
فقال: و بين ما لابتيها؟ قلت: ما أحاطت به الحرتان، قال: و ما الذي يحرم من الشجر؟
قلت: «من عائر إلى وعير».[2] و نسب في المسالك[3] إلى المشهور بين
الأصحاب القول بكراهة قطع شجر حرمها و صيده، و إليه ذهب المحقّق في الشرائع،[4] و هو طريق آخر
للجمع.
ثمّ ظاهر المحرّمين عدم
وجوب فدية للصيد و لا للقطع، حيث إنّهم لم يتعرّضوا لها، بل صرّح به جماعة منهم
الشيخ في المبسوط،[5] و العلّامة في المنتهى.[6] و يدلّ عليه
أصالة العدم، و عدم دليل على وجوبها، و يكفي في النهي عنهما حصول الإثم بهما.
و هو منقول عن مالك و عن
الشافعيّ في الجديد، و عن أحمد في إحدى الروايتين عنه، و عن قديم الشافعيّ، و
رواية اخرى عن أحمد إيجابهما للفدية.[7]
و كذا الظاهر حلّيّة أكل صيده و إن حرم الفعل؛ لعدم دليل على كونه ميتة، بل هو
[1]. الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي؛ وسائل
الشيعة، ج 14، ص 363، ح 19392.