و قال البيضاويّ في قوله سبحانه: «عَسى أَنْ
يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً»[1]: «انتصابه على الظرف
بإضمار فعله، أي فيقيمك مقاماً أو يتضمّن يبعثك معناه أو الحال، بمعنى أن يبعثك ذا
مقام محمود».[2] و في مجمع البيان:
المقام بمعنى البعث،
فهو مصدر من غير جنسه، أي يبعثك يوم القيامة بعثاً أنتَ محمودٌ فيه، و يجوز أن
يجعل البعث بمعنى الإقامة، كما يُقال: بَعَثتُ بعيري، أي أَثَرتهُ و أقمته فيكون
معناه: يقيمك ربّك مقاماً محموداً تحمدك فيه الأوّلون و الآخرون.[3]
ثمّ قال البيضاويّ:
و هو مطلق في كلّ مقام
يتضمّن كرامة، و المشهور أنّه مقام الشفاعة؛ لما روى أبو هريرة أنّه عليه السلام
قال: «هو المقام الذي أشفع فيه لُامّتي»، و لإشعاره بأنّ الناس يحمدونه لقيامه
فيه، و ما ذاك إلّا مقام الشفاعة.[4]
و في المجمع:
و قد أجمع المفسِّرون
على أنّ المقام المحمود هو مقام الشفاعة، و هو المقام الذي يشفع فيه للناس، و هو
المقام الذي يعطى فيه لواء الحمد، فيوضع في كفّه، و يجتمع تحته الأنبياء و
الملائكة، فيكون عليه السلام أوّل شافع و أوّل مشفّع.[5]
و يشمل ذلك جميع
المقامات التي قالته العامّة في ذلك المقام.
قال طاب ثراه حاكياً
عنهم: ذهب بعضهم إلى أنّ هذا المقام هو الشفاعة في تعجيل الحساب حين اهتمّ الخلائق
لمقاساة كرب المحشر و طول مكثهم له.
و قال بعضهم: هو الشفاعة
في إخراج العصاة من النار حتّى لا يبقى إلّا مَن وجب عليه الخلود فيها.