الجاهليّة، حيث إنّهم منعوها في الأشهر الحرم على ما مرّ.
و أجمع الأصحاب على
أنّها لا تكره في يوم من أيّامها، و وافقنا الشافعيّ و أحمد على ما حكى عنهما في المنتهى.[1] و عن أبي
حنيفة: أنّها تكره في خمسة أيّام منها: يومي عرفة و النحر، و أيّام التشريق،[2] محتجّاً
بما روي عن عائشة أنّها قالت: السنة كلّها وقت للعمرة، إلّا خمسة أيّام: يوم عرفة،
و يوم النحر و أيّام التشريق.[3] و ربّما
أيّدوه بأنّها عبادة غير موقّتة، فلا بدّ أن تنقسم إلى مكروه و غيره، كصلاة
التطوّع.
و عن أبي يوسف: أنّها
تكره في الأربعة الأخيرة،[4] و لم أجد
له مستنداً أصلًا.
و دليل الأوّل أيضاً كما
ترى، و يدلّ عليه أخبار الباب، فإن عورضت بما رواه الشيخ عن إسحاق بن عمر بن يزيد،
عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «مَن دخل مكّة بعمرة فأقام إلى هلال ذي الحجّة
فليس له أن يخرج حتّى يحجّ مع الناس».[5]
و عن موسى بن القاسم، قال: أخبرني بعض أصحابنا أنّه سأل أبا جعفر عليه السلام في
عشر من شوّال، فقال: إنّي اريد أن أفرد عمرة هذا الشهر، فقال له: «أنت مرتهن
بالحجّ»، فقال له الرجل: إنّ المدينة منزلي، و مكّة منزلي، ولي بينهما أهل و
بينهما أموال، فقال له:
«أنت مرتهن بالحجّ»،
فقال له الرجل: فإنَّ لي ضياعاً حول مكّة و أحتاج إلى الخروج إليها؟ فقال: «تخرج
حلالًا و ترجع حلالًا إلى الحجّ».[6]
[1]. منتهى المطلب، ج 2، ص 878. و مثله في تذكرة الفقهاء،
ج 8، ص 435. و انظر: مواهب الجليل، ج 4، ص 31؛ الاستذكار، ج 4، ص 114؛ التمهيد، ج
20، ص 19- 20.
[2]. انظر: فتح العزيز، ج 7، ص 76؛ المبسوط، ج 4،
ص 178؛ تحفة الفقهاء، ج 1، ص 392؛ المحلّى، ج 7، ص 68؛ شرح صحيح مسلم للنووي، ج 9،
ص 118؛ عمدة القاري، ج 10، ص 108.
[3]. مواهب الجليل، ج 4، ص 31؛ بدائع الصنائع، ج
2، ص 227؛ البحر الرائق، ج 3، ص 103.
[4]. الخلاف، ج 2، ص 260، المسألة 25؛ تذكرة
الفقهاء، ج 8، ص 435، المسألة 741؛ شرح صحيح مسلم للنووي، ج 9، ص 118؛ عمدة
القاري، ج 10، ص 108.
[5]. تهذيب الأحكام، ج 5، ص 436، ح 1517؛
الاستبصار، ج 2، ص 327، ح 1161؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 312، ح 19289.
[6]. تهذيب الأحكام، ج 5، ص 436- 437، ح 1518؛
الاستبصار، ج 2، ص 327، ح 1162؛ وسائل الشيعة، ج 11، ص 301- 302، ح 14863.