شهر فأتمّ الصلاة».[1]
و حملت هذه الأخبار في المشهور على التقيّة؛ لأنّ الحكم بالتخيير في تلك المواطن
من متفرّدات الإماميّة،
و يحتمل أن يكون المراد
منها نفي وجوب الإتمام بدون العزم على إقامة عشرة أيّام، و هو أحد وجوه الجمع
للشيخ، حيث قال- مشيراً إلى خبري ابن بزيع و ابن حديد:
الأمر في هذين الخبرين
إنّما توجّه إلى مَن لم يعزم على مقام عشرة أيّام إذا اعتقد وجوب الإتمام فيهما،
ثمّ قال: و يحتمل هذان الخبران وجهاً آخر، و هو المعتمد عندي، و هو أنّ من حصل في
الحرمين ينبغي له أن يعزم على مقام عشرة أيّام و يتمّ الصلاة فيهما و إن كان يعلم
أنّه لا يقيم أو يكون في عزمه الخروج من الغد، و يكون هذا ممّن يختصّ به هذان
الموضعان و يتميّزان به من سائر البلاد؛ لأنّ غيرهما متى عزم على المقام فيها عشر
أوجب التمام، و متى كان دون ذلك وجب التقصير.[2]
و أقول: كأنّه قدس سره
استنبط هذا من خبر الحضينيّ حيث إنّه عليه السلام أمره بالعزم على المقام و
الإتمام و إن قدم مكّة قبل التروية بيوم أو يومين أو ثلاثة، مع أنّه يعزم على
الخروج إلى عرفات يوم التروية، و في تحقّق هذه النيّة إشكال، فتأمّل.
هذا، و الحائر على
المشهور ما دار عليه سور الحضرة السنيّة و علّل تسميته بذلك في الذكرى[3] بأنّ الحائر
لغةً: هو المكان المطمئنّ، و هو كذلك، و بأنّه حار الماء فيه لمّا أمر المتوكّل
بإطلاق الماء على قبر الحسين عليه السلام ليعفيه، فكان لا يبلغه.
و قال ابن إدريس: «هو ما
دار سور المشهد و المسجد عليه، لأنّ ذلك هو الحائر حقيقةً؛ لأنّ الحائر في لسان العرب: الموضع
المطمئن الذي يحار فيه الماء».[4] و ظاهر
المفيد قدس سره أنّه زائد على ذلك أيضاً، فإنّه لمّا ذكر مَن قتل مع الحسين عليه
السلام قال:
[1]. تهذيب الأحكام، ج 3، ص 221، ح 553؛
الاستبصار، ج 1، ص 238- 239، ح 581؛ وسائل الشيعة، ج 8، ص 508- 509، ح 11305.
[2]. تهذيب الأحكام، ج 5، ص 427، ذيل ح 1483؛
الاستبصار، ج 2، ص 331، ذيل ح 1178 و 1179.