النبيّ صلى الله عليه و آله، فرآه مالك و الشافعي اقتداء
بفعله صلى الله عليه و آله، و لم يره بعضهم.[1]
ثمّ إنّ الأكثر قيّدوا استحبابه بمَن نفر في النفر الأخير لخبر أبي مريم،[2] و يؤيّده
أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله حيث نزل فيه كان نافراً فيه.[3] و لا فرق
في ذلك بين أهل اليمن و غيرهم؛ لفعل النبيّ صلى الله عليه و آله و إطلاق أكثر
الأخبار، و قد صرّح بذلك جماعة من الأصحاب من غير نقل خلاف فيه، و لا ينافيه
التقييد بأهل اليمن في خبر أبي مريم المشار إليه، لكونه في كلام السائل.
على أنّه ليس في ذلك
الخبر على ما رواه الصدوق،[4] فلعلّه من
سهو بعض الرواة في خبر الكتاب، و فيما رواه في التهذيب.[5]
و اعلم أنّ المنقول عن
رسول اللَّه صلى الله عليه و آله أنّه نزل بمسجد كان بالأبطح يقال له: مسجد
الحصباء.[6] و في الدروس:
قال ابن إدريس: ليس
للمسجد أثر الآن،[7] فتتأدّى
السنّة بالنزول بالمحصّب من الأبطح، و هو ما بين العقبة و مكّة، و قيل: ما بين
الجبل الذي عنده مقابر قريش و الجبل الذي يقابله مصعداً في الشقّ الأيمن لقاصد
مكّة، و ليست المقبرة منه، و اشتقاقه من الحصباء، و هي الحصى المحمولة بالسيل، و
قال السيد ضياء الدين بن الفاخر: ما شاهدت أحداً يعلّمني به في زماني، و إنّما
وقفني واحد على أثر مسجد بقرب منى على يمين قاصد مكّة في مسيل وادٍ، قال: و ذكر
آخرون أنّه عند مخرج الأبطح إلى مكّة.[8]
[1]. انظر: عمدة القاري، ج 9، ص 194؛ و ج 10، ص
100.