بالبيت ثمّ سعت، ثمّ رجعت فارتحل من يومه».[1] و في المنتهى:
قد اختلف العلماء في
أنّه هل هو نسك أم لا؟ و في التحقيق: الخلاف لفظي، لأنّهم إن عنوا بالنسك ما يُثاب
عليه فهو كذلك لاستحبابه، لما تلوناه من الأخبار و اتّفقوا عليه، و إن عنوا ما
يستحقّ العقاب بتركه فلا خلاف في أنّه ليس كذلك؛ إذ قد أجمع العلماء كافّة على
أنّه ليس بواجب.[2] انتهى.
و كأنّ من نفى كونه
نسكاً أراد به مناسك الحجّ و أفعاله، و قد صرّح به الشهيد في الدروس حيث قال: «و
ليس التحصيب من سنن الحجّ و مناسكه، و إنّما هو فعل مستحبّ، اقتداءً برسول اللَّه
صلى الله عليه و آله».[3] فمن أثبته
أثبت كونه منها، فيصير النزاع معنويّاً.
و يحتمل أيضاً أن يريد
النافي نفي استحبابه رأساً، و هو الأظهر؛ لأنّه إنّما هو من العامّة متمسّكاً بما
روي عن ابن عبّاس، قال: ليس المحصّب سنّة[4]
إنّما هو منزل نزله رسول اللَّه صلى الله عليه و آله.[5] و عن عائشة أنّها قالت:
إنّما نزل رسول اللَّه صلى الله عليه و آله المحصّب ليكون أسمح لخروجه، ليس سنّة،
من شاء تركه و من شاء لم يتركه.[6] و نقل طاب
ثراه عن عياض أنّه قال: و اختلف السلف في النزول بالمحصّب ليلة النفر، و صلاة
الظهر و العصر و العشائين به، و الخروج منه ليلًا إلى مكّة كما فعله
[1]. تهذيب الأحكام، ج 5، ص 275، ح 941؛ وسائل
الشيعة، ج 14، ص 284، ح 19213.
[5]. مسند أحمد، ج 1، ص 221؛ سنن الدارمي، ج 2، ص
54؛ صحيح البخاري، ج 2، ص 195- 196؛ و ج 4، ص 85؛ سنن الترمذي، ج 2، ص 202، ح 925؛
السنن الكبرى للبيهقي، ج 5، ص 160، و في غير الأوّل:« التحصيب» بدل« المحصّب».
[6]. مسند أحمد، ج 6، ص 190؛ سنن أبي داود، ج 1، ص
446، ح 2008؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج 5، ص 161، و في الجميع:« فمن شاء نزله و من
شاء لم ينزله»، و المذكور هنا موافق لمنتهى المطلب، ج 2، ص 777.