و عكس في التهذيب فقيّده بما إذا قصد
زيارة البيت، و حمل عليه في وجه صحيحة معاوية بن عمّار، قال: سألت أبا عبد اللّه
عليه السلام عن رجل زار البيت، فلم يزل في طوافه و دعائه و السعي و الدعاء حتّى
يطلع الفجر، فقال: «ليس عليه شيء، كان في طاعة اللَّه عزّ و جلّ».[1] و فيه
تأمّل يظهر وجهه عن قريب.
و أجمعوا على وجوب شاة
لمن بات بغير منى في ليلة يجب عليه المبيت فيها بها.[2] و يدلّ عليه حسنة
معاوية بن عمار،[3] و مرسلة
جميل،[4] و صحيحة
صفوان، قال: قال أبو الحسن عليه السلام: «سألني بعضهم عن رجل بات ليلة من ليالي
منى بمكّة، فقلت: لا أدري»، فقلت له: جعلت فداك، ما تقول فيها؟ قال: «عليه دم إذا
بات»، فقلت: إن كان إنّما حبسه شأنه الذي كان فيه من طوافه و سعيه، لم يكن لنوم و
لا لذّة، أ عليه مثل ما على هذا؟ قال: «ليس هذا بمنزلة هذا، و ما أحبّ أن ينشقّ له
الفجر إلّا و هو بمنى».[5] و صحيحة
عليّ بن جعفر، عن أخيه عليه السلام، عن رجل بات بمكّة في ليالي منى حتّى أصبح؟
قال: «إن كان أتاها نهاراً و بات فيها حتّى أصبح فعليه دم يهريقه».[6] و على هذا
فلو ترك المبيت بها في الليالي الثلاث جمع وجب عليه ثلاث شياه إن لم يكن متّقياً،
أو كان واقفاً بها يوم الثاني عشر إلى غروب الشمس، و إلّا فشاتان على المشهور، و
هو واضح.
[1]. تهذيب الأحكام، ج 5، ص 258، ح 876. و رواه
أيضاً في الاستبصار، ج 2، ص 293، ح 1043؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 254، ح 19126.
[2]. انظر: مختلف الشيعة، ج 4، ص 305- 306؛ منتهى
المطلب، ج 2، ص 770؛ مدارك الأحكام، ج 8، ص 223.