أخّرها يوم التروية، و هو محكي عن ابن عمر و عائشة و مروي عن
أحمد.[1]
و في كنز العرفان:
ثمّ الصوم في الحجّ
هو: أن يصوم يوماً قبل التروية، و يومها، و يوم عرفة متتابعاً، و روي جوازها في
أوّل ذي الحجّة مع تلبّسه بالمتعة.
و قال أبو حنيفة: إذا
أهلّ بالعمرة جاز الصوم إلى يوم النحر. و قال الشافعيّ: لا يجوز قبل إحرام الحجّ.[2]
فتأمّل.
ثمّ ظاهر جماعة من
الأصحاب بل صريح بعض منهم- منهم الشيخ- جواز هذا الصوم فيما ذكر من الأيّام
الثلاثة و إن لم يتلبّس بالحجّ، و ادّعى ابن إدريس عليه الإجماع، قال:
و صيام هذه الأيّام
يجوز، سواء أحرم بالحجّ أو لم يحرم؛ لأجل الإجماع من أصحابنا، و إلّا فما كان يجوز
الصيام إلّا بعد إحرام الحجّ؛ لأنّه تعالى قال: «فَمَنْ تَمَتَّعَ
بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ»[3]، فجعل الحجّ
غاية لوجوب الهدي، فإذا لم يحرم ما وجدت الغاية، بل الإجماع مخصّص لذلك.
و يمكن أن يقال:
العمرة المتمتّع بها إلى الحجّ حجّ، و حكمها حكم الحجّ؛ لأنّها لا تنعقد للإحرام
بها إلّا في أشهر الحجّ، فعلى هذا إذا أحرم بها فقد وجد أوّل الحجّ.[4] انتهى.
و أنت خبير بأنّه تعالى
إنّما جعل الحجّ غاية للتمتّع بالعمرة لا لوجوب الهدي، و إنّما علّق الهدي على
التمتّع بالعمرة، فلا حاجة إلى التكلّف الذي ارتكبه.
و اعلم أنّ هذا الصوم
إنّما يكون بدلًا عن أصل الهدي لا عن ذبحه، و الهدي قد وجب بإحرام عمرة التمتّع
عند الأصحاب و أكثر العامّة- لما عرفت- و إن كان ذبحه إنّما يجب في
[1]. منتهى المطلب، ج 2، ص 743. و انظر: المغني
لابن قدامة، ج 3، ص 505؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة، ج 3، ص 334.