رجل فقال: حلقت قبل أن أذبح؟ فقال: «اذبح و لا حرج»، قال:
رميت بعد ما أمسيت؟
فقال: «لا حرج».[1] و قد حمل
الشيخ في كتابي الأخبار[2] هذه على
حالة النسيان مستشهداً له بحسنة جميل بن درّاج، و يؤيّدها ما رواه البخاريّ عن عبد
اللّه بن عمرو بن العاص: أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله وقف في حجّة الوداع
فجعلوا يسألونه، فقال رجل: لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح؟ قال: «اذبح و لا حرج». فجاء
آخر فقال: لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي؟ قال: «ارمِ و لا حرج». فما سئل يومئذٍ عن
شيء قُدِّم و لا اخِّر إلّا قال: «افعل و لا حرج».[3] و يمكن حملها على
الجاهل أيضاً، كما هو ظاهر بعض تلك الأخبار، و يؤيّدها ما رواه البخاريّ عن عبد
اللّه بن عيسى بن طلحة أنّ عبد اللّه بن عمرو بن العاص حدّثه أنّه شهد النبيّ صلى
الله عليه و آله يخطب يوم النحر، فقام إليه رجل، فقال: كنت أحسب أنّ كذا قبل كذا،
ثمّ قام آخر فقال: كنت أحسب أنّ كذا قبل كذا، حلقت قبل أن أنحر و نحرت قبل أن
أرمي، و أشباه ذلك، فقال النبيّ صلى الله عليه و آله: «افعل و لا حرج»، فما سُئِلَ
يومئذٍ عن شيء إلّا قال: «افعل و لا حرج [لهنّ كلهنّ، فما سئل يومئذ عن شيءٍ
إلّا قال: افعل و لا حرج]».[4] و حكى في المنتهى[5] عن أبي الصلاح[6] أنّه قال
بجواز تقديم الحلق على الرمي، و بجواز تأخيره إلى آخر أيّام التشريق، و حسّن جواز
تأخيره بشرط تقديمه على زيارة البيت؛ متمسّكاً بأنّ اللَّه تعالى بيّن أوّله
بقوله «حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ»[7] و لم يبيّن آخره،
[1]. صحيح البخاري، ج 2، ص 190، و رواه ابن ماجة
في سننه، ج 2، ص 1013- 1014، ح 3050.
[2]. تهذيب الأحكام، ج 5، ص 222، ح 750؛
الاستبصار، ج 2، ص 284، ذيل 1008.
[3]. صحيح البخاري، ج 2، ص 190، و رواه مسلم في
صحيحه، ج 4، ص 82- 83؛ و أبو داود في سننه، ج 1، ص 447، ح 2014؛ و النسائي في
السنن الكبرى، ج 2، ص 447، ح 4109.
[4]. صحيح البخاري، ج 2، ص 190، و ما بين
الحاصرتين منه. و نحوه في ج 7، ص 225؛ صحيح مسلم، ج 4، ص 83؛ السنن الكبرى
للبيهقي، ج 5، ص 139.