ثمّ عارضهما بما رواه في الصحيح عن محمّد بن حمران- لكن هو
مشترك[1]- عن محمّد
بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال: «إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله
نهى أن يحبس لحوم الأضاحي فوق ثلاثة أيّام».[2]
و أجاب بقوله:
لا يمتنع أن يكون
محمّد بن مسلم شارك أبا الصباح في سماع الخبر، و أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله
نهى عن ذلك، ثمّ أذِن بعد ذلك في أكله، فنسيه محمّد بن مسلم، و رواه أبو الصلاح، و
لو لم يكن كذلك لكان محمولًا على أنّ الأولى أن لا يفعل بعد الثلاثة الأيّام، و
أنّ ما يبقى الأفضل أن يتصدّق به.
و ادّعى في المنتهى أنّه كان ذلك
حراماً، ثمّ نسخ.[3] و حكاه
القرطبيّ أيضاً عن طائفة من العامّة، و يدلّ عليه ما ذكر عن جابر و عن جماعة منهم
أنّه لا نسخ، و إنّما كان التحريم لعلّة، فلمّا زالت ارتفع الحكم،[4] و هو أظهر،
لأصالة عدم النسخ، و لما سيأتي عن سلمة.
و قال طاب ثراه: و يروي
مسلم خمسة أحاديث عن النبيّ صلى الله عليه و آله في النهي عنه، منها: ما رواه عن ابن
عمر أنّه صلى الله عليه و آله نهى أن يؤكل لحوم الأضاحي بعد ثلاث و سبقه الإذن
فيه.
و منها: ما رواه عن سلمة
بن الأكوع أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله قال: «مَن ضحّى منكم فلا يصحبن بعد ثالثة [و
في
بيته منه][5] شيء، فلمّا
كان في العام المقبل قالوا: يا رسول اللَّه، نفعل كما نفعل عام أوّل؟ قال: «لا،
إنّ ذلك عام كان الناس فيه بجهد، فأردت أن يفشو فيهم».[6]
[1]. انظر: رجال الطوسي، ص 313، الرقم 4649 و
4651؛ رجال ابن داود، ص 171، الرقم 1367 و 1368.
[2]. تهذيب الأحكام، ج 5، ص 226، ح 764؛
الاستبصار، ج 2، ص 274، ح 973؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 169، ح 18895.
[4]. انظر: شرح صحيح مسلم للنووي، ج 13، ص 129. و
رواه أحمد في مسنده، ج 2، ص 34؛ و النسائي في السنن الكبرى، ج 3، ص 67- 68، ح
4512؛ و البيهقي في السنن الكبرى، ج 9، ص 290.