و لو قليلًا؛ لقوله تعالى: «فَكُلُوا مِنْها وَ
أَطْعِمُوا الْقانِعَ وَ الْمُعْتَرَّ»،[1]
و الأمر عندنا يقتضي الوجوب و الفور دون التراخي، فأمّا الاضحية فالمستحبّ أن
يأكل ثلثها، و يتصدّق على القانع و المعترّ بثلثها، و يهدي إلى أصدقائه ثلثها، على
ما رواه أصحابنا.[2]
و كأنّه طرح ما ذكر ممّا
دلَّ على التثليث في هدي السياق بناءً على أصله، فتأمّل.
و قال طاب ثراه:
و اختلفت العامّة في
المسألة، و في بعض رواياتهم: فكلوا منها و تصدّقوا.[3] و قال محيي الدِّين
البغوي: هذا أمر ندب عند الأكثر، و حمله بعضهم على الوجوب، و لا حدّ للصدقة عند
مالك و الأكثر، و استحبّ الشافعيّ الصدقة بالثلث، و بعضهم بالثلثين، و استحبّ
آخرون النصف، و قال الآبي: و لا بأس أن يطعم منها أهل الذمّة الذين في عياله.[4]
و اختلف فيمن ليس في
عياله، فقيل: لا بأس أن يهدي منها إليه، و قيل: لا يجوز.
و أمّا الواجب للكفّارة
و النذر فالأكل منه غير جائز إجماعاً.
قال العلّامة في المنتهى: «و لا يجوز
الأكل من كلّ واجب غير هدي التمتّع، ذهب إليه علماؤنا أجمع».[5] و الظاهر أنّه أراد
بالواجب غير هدي السياق، فإنّه قد صرّح فيه باستحباب التثليث فيه أيضاً،
فقد قال: «و يستحبّ أن يأكل من هدي السياق ثلثه، و يهدى ثلثه، و يتصدّق بثلثه
كالتمتّع»،[6] و قد أشرنا
إليه و إلى أنّه قال بذلك في القواعد[7] أيضاً.
و قال الشيخ في التهذيب: «و الهدي إذا
كان مضموناً فإنّه لا يجوز أكله»، و احتجّ عليه بخبر أبي بصير[8] و حسنة الحلبيّ، قال:
سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن فداء الصيد يأكل منه من
[3]. مسند أحمد، ج 4، ص 15؛ و ج 6، ص 51؛ صحيح
مسلم، ج 6، ص 80؛ سنن أبي داود، ج 1، ص 642، ح 2812؛ السنن الكبرى للنسائي، ج 3، ص
80- 81، ح 4556؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج 5، ص 240؛ و ج 9، ص 293.