و الحكم بالتثليث استحباباً بل وجوباً واضح في هدي السياق،
لورود النصّ به من غير معارض، رواه الشيخ في الموثّق عن شعيب العرقوفيّ، قال: قلت
لأبي عبد اللّه عليه السلام:
سقت في العمرة بدنة،
فأين أنحرها؟ قال: «بمكّة»، قلت: فأيّ شيء أعطي منها؟ قال:
«كُلْ ثلثاً، و اهد
ثلثاً، و تصدّق بثلث».[1] و يؤيّده
ما رواه في الصحيح عن سيف التمّار، قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: «إنّ سعد
بن عبد الملك قدم حاجّاً، فلقي أبي فقال: إنّي سقت هدياً، فكيف أصنع؟ فقال له أبي:
أطعم أهلك ثلثاً، و أطعم
القانع و أطعم المعترّ ثلثاً، و أطعم المساكين ثلثاً، فقلت:
المساكين هم السؤّال؟
فقال: نعم.
و قال: القانع الذي يقنع
بما أرسلت إليه من البضعة فما فوقها، و المعترّ ينبغي له أكثر من ذلك و هو أغنى من
القانع، يعتريك فلا يسألك».[2] و أمّا في
هدي التمتّع فلا يخلو ذلك عن إشكال للأمر في الآية و الخبر بالأكل و الصدقة، و لم
أجد خبراً صريحاً في إهدائه، و كأنّهم حملوا عليه إطعام القانع كما يشعر به
الإرسال إليه في صحيحة سيف المتقدّمة.
و يظهر من المحقّق الشيخ
عليّ قدس سره في تعليقاته على الإرشاد أنّه حمل عليه إطعام
المعترّ، حيث قال- في شرح قول العلّامة: و يستحبّ القسمة أثلاثاً بين أكله و
إهدائه و صدقته-: أي إهدائه إلى المعترّ الذي هو أغنى من القانع، و الصدقة بثلث
على القانع.[3] و على
التقديرين يستفاد فقر المهدى له من الأصدقاء، و هو خلاف ظاهر الأصحاب.
و ظاهر ابن إدريس تثنية
القسمة في هدي التمتّع و السياق على ما هو الظاهر من أنّ إطعام القانع و المعتر
كليهما من الصدقة، فقد قال:
و أمّا هدي التمتّع و
القارن فالواجب أن يأكل منه و لو قليلًا، و يتصدّق على القانع و المعترّ
[1]. تهذيب الأحكام، ج 5، ص 202، ح 672، و ص 483،
ح 1717؛ و هذا هو الحديث الخامس من باب من يجب عليه الهدي و أين يذبحه؛ وسائل
الشيعة، ج 14، ص 88- 89، ح 18668، و ص 165، ح 18882.
[2]. تهذيب الأحكام، ج 5، ص 223، ح 753؛ وسائل
الشيعة، ج 14، ص 160، ح 18867.
[3]. لم أعثر على تعليقاته على الإرشاد، و به قال
في جامع المقاصد، ج 9، ص 90.