و هو مع ضعفه- بوجود سهل بن زياد في طريقه- ليس صريحاً في عدم
فساد الحجّ بتركه، و ربّما حمل على من وقف به ليلًا قليلًا، ثمّ مضى قبل إكمال
الوقوف.
و حكى في المختلف عنه أنّه قال:
يستحبّ أن لا ينام
الحاجّ تلك الليلة، و أن يحيوها بالصلاة و الدّعاء و الوقوف بالمشعر، و من لم يقف
به جاهلًا رجع ما بينه و بين زوال الشمس من يوم النحر حتّى يقف به، و إن تعمّد ترك
الوقوف فعليه بدنة.
ثمّ قال:
و هذا الكلام يحتمل
أمرين: أحدهما: أنّ مَن ترك الوقوف بالمشعر الذي حدّه ما بين المأزمين إلى الحياض
إلى وادي محسّر وجب عليه بدنة.
و الثاني: أنّ مَن ترك
الوقوف على نفس المشعر الذي هو الجبل فإنّه يستحبّ الوقوف عليه عند أصحابنا وجب
عليه بدنة.
و كلا الاحتمالين فيه
خلاف لما ذكره علماؤنا، فإنّ أحداً من علمائنا لم يقل بصحّة الحجّ مع ترك الوقوف
بالمشعر عمداً مختاراً، و لم يقل أحدٌ منهم بوجوب الوقوف على نفس المشعر الذي هو
الجبل و إن تأكّد استحباب الوقوف به، و حمل كلامه على الثاني أولى لدلالة سياق
كلامه عليه. و يحتمل ثالث: و هو أن يكون قد دخل المشعر، ثمّ ارتحل متعمّداً قبل أن
يقف مع الناس مستخفّاً؛ لما رواه عليّ بن رئاب عن الصادق عليه السلام.[1]
و أقول: الظاهر أنّه
أراد بالمشعر في قوله: «و الوقوف بالمشعر» الذي هو على الجبل؛ بقرينة أنّه ذكره في
ذيل المستحبّات، و هو مذهب الأصحاب، و أراد به في مرجع الضمير في قوله: «و من لم
يقف به»، المشعر المرادف للمزدلفة؛ بقرينة إيجابه الرجوع إليه إلى زوال الشمس يوم
النحر و البدنة، فيكون قوله: «و من لم يقف»، إلى آخره كلاماً مستأنفاً، فيدلّ على
ما نسبه الشهيد قدس سره إليه،[2] فتأمّل.
هذا، و نسب السيّد رضى
الله عنه في الانتصار القول بعدم وجوبه إلى العامّة كافّة، و قال: «و
لم