و إطلاق الارتفاع على البُعد في الأرض شائع، بل إطلاق الصعود
أيضاً عليه، كما في قول الشاعر[1]:
هواي مع الركب اليمانين مصعد
[جنيت و جثماني بمكّة
موثق]
أي مبعد في الأرض، ذاهب
فيها.
لا يقال: قوله عليه
السلام: «و خلف الجبل موقف» في صحيحة معاوية ابن عمّار التي رويناها في باب الغدوّ
إلى عرفات و حدودها[2] يدلّ على
جواز الوقوف في خلفه أيضاً و لو اختياراً، فيجوز عليه بالأولويّة.
لأنّا نقول: المراد بخلف
الجبل عرفات، و كأنّه عليه السلام قال ذلك بمكّة أو غيرها، لا في عرفات، فتأمّل.
و أمّا وقت الوقوف فقد
أجمع الأصحاب على أنّه من زوال الشمس يوم عرفة إلى غروبها اختياراً و اضطراراً إلى
طلوع الفجر من يوم النحر،[3] و الأخبار
شاهدة لهما.
و قال الشيخ في الخلاف: «وقت الوقوف
من حين تزول الشمس إلى طلوع الفجر من يوم العيد».[4] و أراد به الوقت الشامل
للاختياري و الاضطراري جميعاً؛ لما صرّح به في كتبه الاخرى.
و قد قال فيه أيضاً:
«إنّ المغرب و العشاء الآخرة لا تصلّيان إلّا بالمزدلفة، إلّا لضرورة خوف فواتهما
بمضيّ ربع الليل».[5]
[1]. و هو جعفر بن علبة بن ربيعة الحارثي أبو
عارم، شارع غزل مقل، من مخضرمي الدولتين الامويّة و العبّاسيّة، و هو من شعراء
الحماسة لأبي تمام، و كانت إقامته بنجران، و حبس بها متّهماً بالاشتراك في قتل رجل
من بني عقيل، فقتله عامل المنصور على مكّة قصاصاً. و قيل: قتله رجل من بني عقيل.
الأعلام للزركلي، ج 2، ص 125.