و أنت خبير بعدم معارضة هذين الخبرين؛ فإنّ الأوّل إنّما يدلّ
على البناء في الطواف على ثلاثة أشواط، و هو معنى آخر غير البقاء على التمتّع و لا
تعلّق له بهذه المسألة، فتأمّل، بضميمة عموم ما سيأتي ممّا دلّ على البقاء على
التمتّع قبل الطواف، و يأتي القول فيه، و يدلّ على المشهور بعض ما تقدّم من
الأخبار.
الخامسة: أن تحيض قبل
الشروع في الطواف بعد الإحرام، و هذه أيضاً تنتقل إلى الإفراد على المشهور؛ لما
رواه الصدوق في الصحيح عن جميل بن درّاج، عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال
في الحائض إذا قدمت يوم التروية: «أنّها تمضي كما هي إلى عرفات، فتجعلها حجّة، ثمّ
تقيم حتّى تطهر فتخرج إلى التنعيم فتحرم فتجعلها عمرة».[1] و رواه الشيخ أيضاً
بضميمة: قال ابن أبي عمير: كما صنعت عائشة.[2]
و ما رواه إسحاق بن عمّار، عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن المرأة تجيء
متمتّعة، فتطمث قبل أن تطوف بالبيت حتّى تخرج إلى عرفات، قال: «تصير حجّة مفردة»،
قلت: هل عليها شيء؟ قال: «دمٌ تهريقه، و هي اضحيتها».[3] و يؤكّدهما مرسلة
إبراهيم بن إسحاق المتقدّمة،[4] و يؤيّدها
ما سبق في باب الذي تفوت فيه المتعة.
لكن بإزائها أخبار كثيرة
دلّت على بقائها على التمتّع بفعل السعي و التقصير، ثمّ إحرام للحجّ و تأخير طواف
العمرة إلى وقت طواف الحجّ، و قد روى أكثرها المصنّف قدس سره في الباب، منها:
صحيحتا عبد الرحمن بن الحجّاج و عليّ بن رئاب،[5] و البواقي ضعيفة، أمّا
خبرا أبي بصير فبالإرسال[6] و سهل بن
زياد،[7] و أمّا ما
عداهما
[1]. الفقيه، ج 2، ص 381، ح 2759؛ وسائل الشيعة، ج
11، ص 297، ح 14846.