و موثّقة إسحاق، عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه
السلام: الرجل يفرد الحجّ ثمّ يطوف بالبيت و يسعى بين الصفا و المروة، ثمّ يبدو
له أن يجعلها عمرة؟ قال: «إن كان لبّى بعد ما سعى قبل أن يقصّر فلا متعة له»،[1] و ما دلّ
على أنّ القارن و المفرد إذا قدّما الطواف و السعي على الموقفين أحلّا لو لم
يجدّدا التلبية، و يجيء في محلّه إن شاء اللَّه تعالى.
و قد استشكل الشهيد في الدروس إجزاء الإحرام
الثاني؛ معلّلًا بورود النهي عنه، و بوقوع خلاف ما نواه إن أدخل حجّ التمتّع، و
عدم صلاحية الزمان إن أدخل غيره، ثمّ قال:
فالبطلان أنسب، و
رواية أبي بصير قاصرة الدلالة، مع إمكان حملها على متمتّع عدل عن الإفراد، ثمّ
لبّى بعد السعي؛ لأنّه روى التصريح بذلك في رواية اخرى.[2] انتهى.
و لم أجد الرواية التي
أشار إليها، فإن أشار بها إلى ما رويناه ثانياً عن أبي بصير، ففي دلالته على
مدّعاه تأمّل.
و نِعمَ ما قال صاحب المدارك- بعد ما حكى
عنه ما نقلناه-: «هو حمل بعيد، و ما ادّعاه من النصّ لم نقف عليه».[3] فتأمّل.
و حكى في المنتهى[4] عن أبي حنيفة و
أحد قولي الشافعيّ جواز إدخال الحجّ على العمرة،[5] و ردّه بأنّه عبادة
شرعيّة فتقف على إذن الشارع، و لم يثبت.
و في الباب مسائل اخرى
قد سبق القول في أكثرها، و بقي القول في استحباب التشبّه بالمحرمين للمتمتّع بعد
العمرة في الاجتناب عن محرّمات الإحرام مطلقاً، كما هو ظاهر خبر حفص.[6]
[1]. الفقيه، ج 2، ص 314، ح 2550؛ تهذيب الأحكام،
ج 5، ص 90، ح 295؛ وسائل الشيعة، ج 11، ص 256- 257، ح 14733.
[4]. منتهى المطلب، ج 2، ص 662، و المذكور فيه عدم
جواز إدخال الحجّ على العمرة. ثمّ قال:« و اختلوا في إدخال العمرة على الحجّ بعد
عقدية الإفراد، فقال أبو حنيفة بالجواز، و هو أحد قولي الشافعي».
[5]. فتح العزيز، ج 7، ص 125؛ المجموع للنووي، ج
7، ص 162؛ المغني لابن قدامة، ج 3، ص 512؛ الشرح الكبير، ج 3، ص 239.