و يدلّ عليه ما ورد في باب زيادات الحجّ من التهذيب مرسلًا عن أبي
عبد اللّه و أبي الحسن موسى عليهما السلام أنّهما قالا: «مَن سها عن السعي حتّى
يصير من السعي على بعضه أو كلّه، ثمّ ذكر، فلا يصرف [وجهه منصرفاً] و لكن يرجع
القهقرى إلى المكان الذي يجب فيه السعي».[1]
و في المدارك: «و هل استحباب العود مخصوص بمن ذكرها في ذلك الشوط، أم يرجع
إلى الشوط الذي نسيها فيه و إن تجاوزه؟ وجهان، أظهرهما الأوّل».[2] و ظاهر أبي الصلاح وجوب
الهرولة و إسراع الدابّة حيث قال- على ما حكى في المختلف-[3]: «و إذا
سعى راكباً فليركض الدابّة حيث تجب الهرولة».[4] و احتجّ عليه بأنّه قد
وقع الأمر به.
و فيه: أنّ الأمر شائع
في الندب، لا سيما مع القرينة، و قد عرفت ما دلّ على أنّه للاستحباب.
و لا يستحبّ على النساء؛
لمنافاتها للستر المطلوب منهنّ، و لمضمر سماعة الذي رواه المصنّف في الباب السابق،[5] و الظاهر
أنّ العلّة فيها التذلّل و رفع التكبّر.
و روى البخاريّ عن ابن
عبّاس أنّه قال: «إنّما سعى رسول اللَّه صلى الله عليه و آله بالبيت و بين الصفا و
المروة ليرى المشركين قوّته»[6] و هو مسلم
في الطواف بالبيت، و لذا قيل بعدم استحبابه غير حجّة الوداع، و أمّا فيما بين
الصفا و المروة فهو ممنوع؛ لدلالة الأخبار
[1]. تهذيب الأحكام، ج 5، ص 453، ح 1581. و رواه
الصدوق في الفقيه، ج 2، ص 521، ح 3117؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 487، ح 18269.
[6]. صحيح البخاري، ج 2، ص 171، باب وجوب الصفا و
المروة؛ و ج 5، ص 86. و رواه الترمذي في سننه، ج 2، ص 176، ح 864؛ و النسائي في
السنن الكبرى، ج 2، ص 405، ح 3941، و ص 414، ح 3973؛ و البيهقي في السنن الكبرى، ج
5، ص 82؛ و الحميدي في مسنده، ج 1، ص 232، ح 497، و الطبراني في المعجم الكبير، ج
11، ص 134.