و يدلّ على ذلك موثّق
إسحاق بن عمّار[1] و خبر
منصور بن حازم.[2] و يؤيّدهما
ما رواه العامّة عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه سعى بعد طوافه[3] و قال:
«خذوا عنّي مناسككم».[4] و الأخبار
الواردة في مناسك الحجّ و العمرة حيث ذكر فيها الطواف أوّلًا ثمّ السعي، و في بعضها
عطف السعي على الطواف بلفظة «ثمّ» الدالّة صريحاً على التعقيب، فلو نكس أعاد السعي
مطلقاً إجماعاً من الأصحاب، وفاقاً لمالك و الشافعيّ و أحمد في إحدى الروايتين،
على ما حكاه عنهم في المنتهى،[5] و هو
المستفاد من بعض ما أشرنا إليه من الأخبار.
و عن أحمد في رواية اخرى
عدم وجوب إعادته مع النسيان.[6] و ظاهر بعض
الأخبار الإجزاء فيما إذا قدّم السعي و ذكر ذلك بعد خروج ذي الحجّة، رواه منصور بن
حازم في الصحيح، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل بدأ بالسعي بين الصفا
و المروة، قال: «يرجع فيطوف بالبيت، ثمّ يستأنف السعي»، قلت: إنّ ذلك قد فاته؟
قال: «عليه دم، أ لا ترى أنّك إذا غسلت شمالك قبل يمينك كان عليك أن تعيد على
شمالك».[7] و لم أجد
تصريحاً بذلك في كلام الأصحاب نفياً و إثباتاً، و لو ذكر نقصاناً من الطواف في
أثناء السعي يقطعه و يعود، فيتمّ طوافه أو يستأنفه على ما مضى.
[1]. الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي؛ وسائل
الشيعة، ج 13، ص 413- 414، ح 18095.
[2]. الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي؛ و عنه
الشيخ في تهذيب الأحكام، ج 5، ص 129، ح 426؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 413، ح 18094.
[3]. تذكرة الفقهاء، ج 8، ص 142، و انظر: سنن ابن
ماجة، ج 2، ص 1023، ح 3074؛ صحيح مسلم، ج 4، ص 40؛ سنن أبي داود، ج 1، ص 425، ح
1905؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج 5، ص 7.
[4]. السنن الكبرى للبيهقي، ج 5، ص 125. و ورد
بدون اللفظة« عنّي»: مسند أحمد، ج 3، ص 318؛ سنن النسائي، ج 5، ص 270؛ و السنن
الكبرى له أيضاً، ج 2، ص 425، ح 4016؛ مسند أبي يعلى، ج 4، ص 111، ح 2147؛ صحيح
ابن خزيمة، ج 4، ص 277- 278.