و قال جدّي قدس سره في شرح الفقيه: «و ما ذكره
بعض الأصحاب من أنّ الحجر من البيت محمول على السهو أو على عدم التتبّع»[1] و لم أعثر
على قائله.[2] و زعم العامّة
أكثرهم دخول الحجر كلّه في البيت، و بعضهم دخول نحو من ستّة أذرع منه فيه، و
فرّعوا على ذلك إدخال الحجر كلّه أو هذا القدر منه في الطواف، ففي العزيز:
ينبغي أن يدور في
طوافه حول الحجر الذي ذكرنا أنّه بين الركنين الشاميّين، و هو موضع محوّط عليه
بجدار قصير، بينه و بين كلّ واحد من الركنين فتحة. و كلام جماعة من الأصحاب يقتضي
كون جميعه من البيت، و هو ظاهر لفظ المختصر، لكنّ الصحيح أنّه ليس كذلك بل الذي هو
من البيت منه قدر ستّة أذرع متّصل بالبيت، روي أنّ عائشة قالت: نذرت أن اصلّي
ركعتين في البيت، فقال النبيّ صلى الله عليه و آله: «صلِّي في الحجر، فإنّ ستّة
أذرع منه من البيت»، و منهم من يقول: ستّة أذرع أو سبعة، كأنّ الأمر فيه على
التقريب، و لفظ المختصر محمول على هذا القدر، فلو دخل إحدى الفتحتين و خرج من
الاخرى فهو ماش في البيت، لا يحسب له ذلك، و لو خلف القدر الذي هو من البيت، ثمّ
اقتحم الجدر و تخطّى الحجر على السمت صحّ طوافه.[3] انتهى.
و روى البخاريّ بإسناده
عن الأسود بن يزيد، عن عائشة، قالت: سألت النبيّ صلى الله عليه و آله عن الجدر أمن
البيت هو؟ قال: «نعم»، قلت: فما لهم لم يدخلوه في البيت؟ قال: «إنّ قومك قصرت بهم
النفقة»، قلت: فما شأن بابه مرتفعاً؟ قال: «فعل ذلك قومك يدخلوه مَن شاءوا، و لو
لا أنّ قومك حديثوا عهد بالجاهليّة فأخاف أن تنكر قلوبهم أن ادخل الجَدْر في البيت
و أن ألصق بابه بالأرض».[4] و بإسناده
عن هشام، عن أبيه، عن عائشة، قالت: قال لي رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: «لو
لا حداثة قومك بالكفر لنقضت البيت، ثمّ لبنيته على أساس إبراهيم، فإنّ قريشاً
استقصرت بناءه
[4]. صحيح البخاري، ج 2، ص 156 كتاب الحجّ؛ و ج 8،
ص 132، كتاب التمنّي. و رواه مسلم في صحيحه، ج 4، ص 100؛ و البيهقي في السنن
الكبرى، ج 5، ص 89، باب موضع الطواف.