سوق الآية يقتضي اختصاصها بالحلق لترتّب ذلك على قوله عزّ و
جلّ: «وَ لا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ»[1]، و قد صرّح
بذلك الإمام الطبرسي أيضاً في تفسيره، فقال: فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ
مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ؛ أي من مرض منكم مرضاً يحتاج فيه إلى
الحلق أو تأذّى بهوام رأسه ابيح له الحلق بشرط الفدية.[2]
و أمّا ثانياً فلأنّ
اللّازم من ذلك التخيير في فدية اللبس بين الصيام و الصدقة، و النسك كالحلق، و لا
نعلم بذلك قائلًا من الأصحاب و لا غيرهم، بل مقتضى كلام الجميع تعيّن الدم.[3]
الثانية: كفّارة لبس
ما يحرم على المحرم العامد العالم اختياراً و اضطراراً شاة إجماعاً.
و يدلّ عليه أخبار، منها: صحيحة زرارة.[4] و منها: ما رواه الشيخ
عن زرارة بن أعين، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: «مَن نتف إبطه أو قلّم
ظفره أو حلق رأسه أو لبس ثوباً لا ينبغي له لبسه أو أكل طعاماً لا ينبغي له أكله و
هو محرم، ففعل ذلك ناسياً أو جاهلًا فليس عليه شيء، و مَن فعله متعمّداً فعليه دم
شاة».[5] و عن سليمان
بن العيص- أو ابن الفيض على اختلاف النسخ-، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام
عن المحرم يلبس القميص متعمّداً؟ قال: «عليه دم».[6] و في الصحيح عن محمّد بن مسلم[7]، قال: سألت
أبا عبد اللّه عليه السلام عن المحرم يلبس القميص متعمّداً، قال: «عليه دم».
[5]. تهذيب الأحكام، ج 5، ص 369- 370، ح 1287؛
وسائل الشيعة، ج 13، ص 157، ح 17472.
[6]. تهذيب الأحكام، ج 5، ص 384، ح 1339؛ وسائل
الشيعة، ج 13، ص 157، ح 17473.
[7]. كذا في الأصل، و هذا الحديث مكرّر لسابقه، و
لم أجد لمحمد بن مسلم حديثاً بهذا اللفظ، نعم نسب هذا الحديث في تذكرة الفقهاء إلى
محمّد بن مسلم، و هو واقع في سند الحديث اللاحق.